- محمود هويدى المحامىالمدير
- عدد المساهمات : 1432
تاريخ التسجيل : 07/02/2012
من أشهر المرافعات ـ قضية المحاماه
الإثنين 07 مايو 2012, 11:03
هذه مرافعة في قضية من أشهر القضايا والتي أطلقعليها قضية " المحاماة " وقد إتهم فيها محامين بتهمة إهانة محكمة وإعاقتها عن أداءعملها وإكراه القاضي رئيس المحكمة علي التوقيع . فحركت النيابة دعوى إهانة محكمةوإعاقتها عن أدآء عملها قبل المحاميين . كما حركت جناية إكراه علي توقيع وهي ماتعني بها تلك المرافعة الرائعة للأستاذ / أحمد جمعه المحامي بالنقض
" الوقائع "
تتحصل واقعات الدعوى فيما أثبته السيد الأستاذ / إبراهيم عدلي أمير " رئيسمحكمة سيدي جابر الجزئية " ، بمذكرته المقدمة للسيد الأستاذ المستشار / رئيس محكمةالإسكندرية الإبتدائية . من أنه في يوم 2/3/2005 وأثناء إنعقاد الجلسة حضر أمامهالمتهم الأول وتحدث مع موكله بصوتٍ مرتفع وطلبت منه المحكمة بعدم التحدث مع موكلهفقرر لها " أنه يتحدث مع موكله كيفما يشاء والمحكمة لازم تعرف بتتكلم مع مين ، ولاتتكلم بهذا الإسلوب " . فقررت المحكمة إحالة الدعوى للسيد المستشار / رئيس المحكمةلإحالتها لدائرة أخرى إلا أن المتهم الأول ظل يتحدث بصوتٍ مرتفع فقررت المحكمة رفعالجلسة ودخلت غرفة المداولة فقام المتهم الأول بالدخول خلفه عنوه ، فقام الحاجببمنعه فتعدى عليه بالضرب والسب ، وعقب ذلك حضر جمعٍ من المحامين ومنهم المتهمالثاني بصفته عضو نقابة المحامين وقرر أنه " لن يخرجوا من غرفة المداولة " . فقررتله المحكمة " أنه بذلك يعوق المحكمة عن آداء عملها " ، فرد عليه المتهم الأول أنه " لن يخرجوا من الغرفة وأنا لازم أوريك أنا مين ،وهتمضي علي المذكرة المقدمة مناوإلا مش هتطلع من الغرفة دي" . وقام الحاضرين معه بترديد العديد من العباراتالتي بها إهانة للمحكمة مثل " إحنا لازم نوريكم وإحنا اللي خليناكم تعملوا كده وإنتلازم تتنقل " ، فقررت لهم المحكمة أنهم " يعوقوا المحكمة عن آداء عملها " فرد عليهالمتهم الثاني " أنه سيتم محاسبته وأنه لا يدري ما يقوم به ، وإنت بتقول كلام كبيرإنت مش قده " . وكان ذلك في حضور وكيل النائب العام السيد / أحمد عبد الخالق السيسي، الذي أخطر السيد المستشار المحامي العام علي الهاتف بشعوره بالإختناق وعدم قدرتهعلي الخروج ، وأمام الضباط المنوب بهم حراسة المحكمة وهما المقدم / محمد حسن متولي، والنقيب / محجوب قاسم علي قاسم . وأقر السيد / أحمد عبد الخالق السيسي النائبالعام ، أن ما حدث بالمذكرة كان في حضوره بصفته ممثل النيابة في الجلسة وأنه تمإحتجازه برفقة السيد الأستاذ / رئيس المحكمة ، وحضور الواقعة كاملة وفقاً لما سطربالمذكرة ووقع علي ذلك الإقرار وأرفقه بالمذكرة . ومذكرة من / حماده محمود أحمد منأنه وأثناء قيامه بعمله يوم الأربعاء الموافق 2/3/2005 بحجابه الجلسة قام المتهمالأول بإقتحام الباب الخاص بقاعة المداولة ، وعندما قام بمنعه تعدى عليه بالضربوالسب . وقد باشرت النيابة العامة التحقيقات بسؤال / علي سليمان علي ، الذي شهدبأنه سكرتير جلسة محكمة جنح سيدي جابر وفي يوم 2/3/2005 وأثناء نظر الجلسة حضرالمتهم الأول بصفته وكيل عن أحد المتهمين وفوجيء بمناقشة بينه وبين موكله فتدخلرئيس المحكمة وطلب منه عدم التحدث مع موكله فرد عليه " أنا أتكلم معه كيفما أشاءوإنت ما تعرفش بتكلم مين بالإسلوب ده " . فرفع رئيس المحكمة الجلسة ودخل غرفةالمداولة ، وحاول المتهم الأول دخول الغرفة بالعنوه فحاول الحاجب / حماده محمودمنعه فقام المتهم الأول بضربه ومعه محامين آخرين لا يعرف أسمائهم وقام بإقتحام غرفةالمداولة بعد السماح للمتهم الثاني بالدخول بوصفه عضو مجلس نقابة ، ووجه الأخيرلرئيس المحكمة عبارات غير لائقة وقرر المتهم الأول لرئيس المحكمة " إحنا مش طالعينمن المداولة ولا المحكمة ولا النيابة هتطلع من المداولة " ، فرد عليه رئيس المحكمة " أنه يعيق العدالة عن أداء عملها " ، فرد عليه المتهم الأول " أصلاً مفيش حاجةإسمها عدالة ومفيش عدالة " فرد عليه رئيس المحكمة " دي إهانة للمحكمة " ووجه كلامهللمتهم الثاني وقال له " دي إعاقة محكمة " ، فرد عليه المتهم الثاني " إنت هتعلمنييعني إيه إعاقة محكمة إتكلم علي قدك الكلام ده كبير قوي إنت مش قده ، وإحنا مشطالعين من القاعة إلا لما تثبت لنا طلباتنا في محضر الجلسة " ، وطلب منهم رئيسالمحكمة ‘خلاء غرفة المداولة حتى تتمكن المحكمة من القيام بعملها وإستكمال الجلسةفرد عليه المتهمين بعدم الخروج ، وعده السماح للمحكمة أو للنيابة من مغادرة الغرفةوقالوا " إحنا عندنا إستعداد ننقلك ونكتب فيك مذكرة للتفتيش ، إنت ولا تعرف تعملحاجة " ، وقال له المتهم الأول " أنا عارف أبوك ما يعرفش يعملك حاجة " ، فرد عليهرئيس المحكمة " مالكش دعوة بأبويا إحنا مش في مدرسة عيب " ، والمحامين الموجودينقالوا " مش هنخرج من هنا " ، وقام السيد وكيل النيابة الحاضر بالجلسة بالإتصالبالسيد المحامي العام لأنه بدء يشعر بالإختناق ومنعه المتهم الأول من مغادرة الغرفةوقال له " إنت مش هتخرج لحد ما رئيس المحكمة يمضي علي المذكرة" .
هذه هي وقائع الدعوى كما وردت بمذكرة القاضي رئيس المحكمة / إبراهيم عدليأمير ، وكما وردت بمذكرة وكيل النائب العام / أحمد السيسي ، وكذلك ما شهد به فيتحقيقات النيابة الضابطين المنوب بهم حراسة المحكمة ، وكذلك الحاجب وسكرتير الجلسة .
وكما ذكرت – آنفاً – فقد حركت النيابة دعوتين الأولى جنحة ونظرت أمام محكمةالجنح بتهمة إهانة محكمة وإعاقتها عن آداء عملها . والثانية جناية إكراه علي توقيعوهي التي تخصها تلك المرافعة .
المرافعة أمام محكمة جنايات الإسكندرية فيالجناية رقم 4676 لسنة 2005 جنايات المنشية والمقيدة برقم 270 كلي شرق .
المعروفة بقضية " المحاماة " للأستاذ أحمد جمعة المحامي بالنقض . وهاكم نصالمرافعة
المصدر: نقلاً عن موقع الأستاذ مبروك محمد حسن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
" الوقائع "
تتحصل واقعات الدعوى فيما أثبته السيد الأستاذ / إبراهيم عدلي أمير " رئيسمحكمة سيدي جابر الجزئية " ، بمذكرته المقدمة للسيد الأستاذ المستشار / رئيس محكمةالإسكندرية الإبتدائية . من أنه في يوم 2/3/2005 وأثناء إنعقاد الجلسة حضر أمامهالمتهم الأول وتحدث مع موكله بصوتٍ مرتفع وطلبت منه المحكمة بعدم التحدث مع موكلهفقرر لها " أنه يتحدث مع موكله كيفما يشاء والمحكمة لازم تعرف بتتكلم مع مين ، ولاتتكلم بهذا الإسلوب " . فقررت المحكمة إحالة الدعوى للسيد المستشار / رئيس المحكمةلإحالتها لدائرة أخرى إلا أن المتهم الأول ظل يتحدث بصوتٍ مرتفع فقررت المحكمة رفعالجلسة ودخلت غرفة المداولة فقام المتهم الأول بالدخول خلفه عنوه ، فقام الحاجببمنعه فتعدى عليه بالضرب والسب ، وعقب ذلك حضر جمعٍ من المحامين ومنهم المتهمالثاني بصفته عضو نقابة المحامين وقرر أنه " لن يخرجوا من غرفة المداولة " . فقررتله المحكمة " أنه بذلك يعوق المحكمة عن آداء عملها " ، فرد عليه المتهم الأول أنه " لن يخرجوا من الغرفة وأنا لازم أوريك أنا مين ،وهتمضي علي المذكرة المقدمة مناوإلا مش هتطلع من الغرفة دي" . وقام الحاضرين معه بترديد العديد من العباراتالتي بها إهانة للمحكمة مثل " إحنا لازم نوريكم وإحنا اللي خليناكم تعملوا كده وإنتلازم تتنقل " ، فقررت لهم المحكمة أنهم " يعوقوا المحكمة عن آداء عملها " فرد عليهالمتهم الثاني " أنه سيتم محاسبته وأنه لا يدري ما يقوم به ، وإنت بتقول كلام كبيرإنت مش قده " . وكان ذلك في حضور وكيل النائب العام السيد / أحمد عبد الخالق السيسي، الذي أخطر السيد المستشار المحامي العام علي الهاتف بشعوره بالإختناق وعدم قدرتهعلي الخروج ، وأمام الضباط المنوب بهم حراسة المحكمة وهما المقدم / محمد حسن متولي، والنقيب / محجوب قاسم علي قاسم . وأقر السيد / أحمد عبد الخالق السيسي النائبالعام ، أن ما حدث بالمذكرة كان في حضوره بصفته ممثل النيابة في الجلسة وأنه تمإحتجازه برفقة السيد الأستاذ / رئيس المحكمة ، وحضور الواقعة كاملة وفقاً لما سطربالمذكرة ووقع علي ذلك الإقرار وأرفقه بالمذكرة . ومذكرة من / حماده محمود أحمد منأنه وأثناء قيامه بعمله يوم الأربعاء الموافق 2/3/2005 بحجابه الجلسة قام المتهمالأول بإقتحام الباب الخاص بقاعة المداولة ، وعندما قام بمنعه تعدى عليه بالضربوالسب . وقد باشرت النيابة العامة التحقيقات بسؤال / علي سليمان علي ، الذي شهدبأنه سكرتير جلسة محكمة جنح سيدي جابر وفي يوم 2/3/2005 وأثناء نظر الجلسة حضرالمتهم الأول بصفته وكيل عن أحد المتهمين وفوجيء بمناقشة بينه وبين موكله فتدخلرئيس المحكمة وطلب منه عدم التحدث مع موكله فرد عليه " أنا أتكلم معه كيفما أشاءوإنت ما تعرفش بتكلم مين بالإسلوب ده " . فرفع رئيس المحكمة الجلسة ودخل غرفةالمداولة ، وحاول المتهم الأول دخول الغرفة بالعنوه فحاول الحاجب / حماده محمودمنعه فقام المتهم الأول بضربه ومعه محامين آخرين لا يعرف أسمائهم وقام بإقتحام غرفةالمداولة بعد السماح للمتهم الثاني بالدخول بوصفه عضو مجلس نقابة ، ووجه الأخيرلرئيس المحكمة عبارات غير لائقة وقرر المتهم الأول لرئيس المحكمة " إحنا مش طالعينمن المداولة ولا المحكمة ولا النيابة هتطلع من المداولة " ، فرد عليه رئيس المحكمة " أنه يعيق العدالة عن أداء عملها " ، فرد عليه المتهم الأول " أصلاً مفيش حاجةإسمها عدالة ومفيش عدالة " فرد عليه رئيس المحكمة " دي إهانة للمحكمة " ووجه كلامهللمتهم الثاني وقال له " دي إعاقة محكمة " ، فرد عليه المتهم الثاني " إنت هتعلمنييعني إيه إعاقة محكمة إتكلم علي قدك الكلام ده كبير قوي إنت مش قده ، وإحنا مشطالعين من القاعة إلا لما تثبت لنا طلباتنا في محضر الجلسة " ، وطلب منهم رئيسالمحكمة ‘خلاء غرفة المداولة حتى تتمكن المحكمة من القيام بعملها وإستكمال الجلسةفرد عليه المتهمين بعدم الخروج ، وعده السماح للمحكمة أو للنيابة من مغادرة الغرفةوقالوا " إحنا عندنا إستعداد ننقلك ونكتب فيك مذكرة للتفتيش ، إنت ولا تعرف تعملحاجة " ، وقال له المتهم الأول " أنا عارف أبوك ما يعرفش يعملك حاجة " ، فرد عليهرئيس المحكمة " مالكش دعوة بأبويا إحنا مش في مدرسة عيب " ، والمحامين الموجودينقالوا " مش هنخرج من هنا " ، وقام السيد وكيل النيابة الحاضر بالجلسة بالإتصالبالسيد المحامي العام لأنه بدء يشعر بالإختناق ومنعه المتهم الأول من مغادرة الغرفةوقال له " إنت مش هتخرج لحد ما رئيس المحكمة يمضي علي المذكرة" .
هذه هي وقائع الدعوى كما وردت بمذكرة القاضي رئيس المحكمة / إبراهيم عدليأمير ، وكما وردت بمذكرة وكيل النائب العام / أحمد السيسي ، وكذلك ما شهد به فيتحقيقات النيابة الضابطين المنوب بهم حراسة المحكمة ، وكذلك الحاجب وسكرتير الجلسة .
وكما ذكرت – آنفاً – فقد حركت النيابة دعوتين الأولى جنحة ونظرت أمام محكمةالجنح بتهمة إهانة محكمة وإعاقتها عن آداء عملها . والثانية جناية إكراه علي توقيعوهي التي تخصها تلك المرافعة .
المرافعة أمام محكمة جنايات الإسكندرية فيالجناية رقم 4676 لسنة 2005 جنايات المنشية والمقيدة برقم 270 كلي شرق .
المعروفة بقضية " المحاماة " للأستاذ أحمد جمعة المحامي بالنقض . وهاكم نصالمرافعة
" بسم الله الرحمنالرحيم "
" أيها السادة : أرجو أن يتسع لنا صدرُكمبالذي ضاق به صدرُنا ، وبذات القدر من الليل البهيم الذي أرق مضجع المتهم .
وأرجو إبتداءً أن تسجل مُرافعاتنا كاملة بمحضر الجلسة .. لأننا نُؤمن أن هذهالقضية سوف يذكرها التاريخ يوماً ما فتكون حُكماً لنا أو علينا .. وإسمحوا لي أنأذكر أن القضية الآن بعد أن وصلت إلي هذا الطور لم تعد قضية المتهم ..... وصاحبه .... بل هي قضية المحاماة جميعاً . وإذا كان البعض قد أراد لنا أن نُحاكم .... فإننا نقبل المحاكمة ، ومن حقنا أن نقول ما نشاء بدون خجلٍ أو مؤاربة أو حياءٍ .. نعم سنكون في هذه المحاكمة صُرحاء .... أشد ما تكون الصراحة ، حتى ولو كانت موجعةللبعض ، أو تورم منها أنوف آخرين .. لأننا وحتى هذه اللحظات كنا نعتقد أن صوت العقلسيغلب ، وأنَّ المصلحة العليا ستُغلب .. لكن قرت عُيون البعض بتلك المُحاكمة .. وقُرت عيون آخرين بوجودنا خلف القضبان ، فلتكن المُحاكمة إذاً هي نهاية المطاف .. وليكن حكمكم هو غاية العدل ومنتهى الإنصاف ، ولتكن مشيئة الله هي العليا .. ولوتواعدتم لاختلفتم في الأمر في الميعاد ، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ليحي منحيَّ عن بينه ، ويهلك من هلك عن بيينه .
والحقُ أقول لكم ،وحقٌ أقول أنه إذا كان في الحكم علي الأستاذ ... المحامي شفاءٌ لما في الصدورفاحُكموا عليه ، وإذا كان ميزان العدالة سيستقيم بالحكم عليه فاقضوا عليه . وإذاكان الحكم عليه قرباناً للعدالة وإرضاءً للآلهة فإننا نقدمه مختارين طائعين .
أما إذا كان في الحكم عليه مساساً بقيم المحاماة وأعرافها ، وحُسن العلاقةبيننا وإفتئاتاً علي القانون، فإننا نحتج .. ونعترض ..
ونقول ....
ما الذي جعل العلاقة بين القضاء والمحامين وهم أبناء رحمٍ واحد وغاية واحدة، تصل إلي هذا المنحنى وذلك المنعطف الخطر ؟!
أقول لكم ..
لم نبدأ نحنُ بالعداوة .. لم نتسلل إلي محرابكم .. ولكننا أصحاب حقٍ وأصحابقضية وأصحاب رسالة .. وما آتينا نُمارس هذه الرسالة إلا بمقتضى القانون ومن منطقالعدالة .. فلسنا دخلاء أيها السادة وليس الأمر منوط بالقضاة وحدهم .. فالعدالة لاتستقم علي قدمٍ واحدة.
ونحنُ القدم الأخرى ..
والقول بغير ذلك يهدمميزان العدالة ويقوضها .. أليس للميزان كفتين ؟!
ولئن كان الله خلقالإنسان من عينين ، وشفتين ، وأذنين ، وكفين ، وقدمين . فقد خلق الإنسان بقلبٍ واحد .. ولسانٍ واحد .. فأنتم أيها السادة القلب ، ونحنُ اللسان ، ومخطئ من ظن يوماً أنيضن علينا بالكلام ، وأُقر مطمئناً أن طبيعة عمل المحامي وخبرته المكتسبة من ممارسةالمهنة ، لا يُمكن أن تحمله علي الإعتداء علي القاضي أبداً ..
بينما طبيعة عملالقاضي الذي يؤدي وظيفته بين إحترام الجمهور ، ووسط الإبتسامات المتملقة ، والخضوعالمغري من كل جانب تجعله يعتبر أن أي طلب يطلب منه أو مناقشة بينه وبين المحامي فيعملهما المشترك خروجاً علي كرامة القضاء ..
والغريب أن الخلافَقد قام بين الفريقين عن أصلٍ واحد هو صون الكرامة ، فكيف يتفق الطرفان علي المبدأثم يختلفان عند التنفيذ..
أو بمعنى آخر ..
ما هو مفهوم الكرامةعند الطرفين ؟!
إن طبيعة عمل الفريقين جد مختلفة .. فالمحامييرجو ويتوسل ويترافع علناً ويكتُب مذكراته .. ويؤكد في كل كلمة ثقته بعدالة قاضيه .. بينما طبيعة عمل القاضي السكوت ، علاوةً علي أنه لا يتكلم عن آداب المأموريةالمشتركة بينهما .. بل لعله لا يراها كذلك ..
ويعمل المحاميجاهداً علي إستمالة القاضي تمهيداً لإقناعه بحق موكله .. والقاضي لا يبغي شيئاً منالمحامي .. ومن ثم لا تهمه حالته النفسية ، وقد يرى أن تكرار الخضوع حقاً خالصاً له ..
فإذا قلنا بالمساواة والإخلاص بين الإثنين .
أيها السادة : فإنمانرجو تلك المساواة الداخلية في التقدير والإحترام ، لا المساواة الخارجية المستمدةمن خوف الجماهير وتحيات الجنود والحراس . فذلك مما لا مطمع لنا فيه ، ولا حاجة لنابه .
نحن نعاني أيها السادة .. نعاني من إضطهاد السلطة وتهميشها لنا .. نعاني منعسف الإدارة وجهلها .. نعاني من ظلم الموكلين وأكلهم بالباطل حقوقنا ..
بل ونعاني من ساعة دخولنا المحكمة ، وطمع صغار النفوس فينا .. ونعاني منصدود بعض القضاة وضيق صدورهم بنا .. نعاني في إنتظار بدء الجلسة والتي تتأخر لساعات .. فإذا ما إنصرفنا لقضاء مشاغلنا .. ثم عدنا .. يرفض القاضي أن يعيد القضية رغمأنه لا زالت الجلسة منعقدة .. كنص قانون المرافعات .. وهو الذي تسبب لنا في هذاالإرتباك .. وحينئذٍ تبدأ المُشاحنة التي ينتصر فيها القاضي دائماً .
نعاني في حضورنا الجلسة وإبداء دفاعنا ، وما نعتقد أنه صواب ونؤمن به .. غيرأن بعض القضاة يظهرون عدم الإكتراث بما نقول .. ويعرض عنا بصورة فيها إمتهانلكرامتنا .. ونلتزم في ذلك غاية اللياقة والأدب .. ونطوى الصدر عن ألمٍ دفين ..
ثم يصدر القاضي حكمه .. وقد يكون خاطئًا .. فإذا ما طعنا علي ذلك ، نذكر فيطعننا تأدباً ورقاً أن الحكم قد أخطأ ، ولا نقول أن القاضي هو الذي أخطأ ..
نحنُ اللذينَّ ننتظر لساعات لبدء الجلسات ..
نحنُ اللذينَّ نقفإجلالاً لكم حال دخولكم القاعة ..
ونحنُ اللذينَّ نقف إحتراماً عند إنصرافكم ..
ونحنُ اللذينَّ لا نتحدث بين أيديكم إلا بإذن ، ولا نصمت إلا بإذن ..
نحنُ اللذينَّ تعلمنا من أسلافنا العظام الإنحناء في محرابكم تقديساًللعدالة ..
ونحنُ اللذينَّ لا نخاطبكم إلا بالإحترامالكامل .. والتوقير اللازم ، ونلتمس ونبتهل ونتضرع ونفوض لكم الأمر من قبل ومن بعد ..
ونحنُ اللذينَّ فتحنا أبواب نقابتنا للقضاة عام 69 بعد أن ذبحتُهم السلطةوأسقطت عنهم حصانتهم .
ونحنُ اللذينَّ لا زالت أبواب نقابتنا مفتوحةلمن أراد منكم أن يعمل بالمحاماة بعد تقاعده .. بل ومن أكره منكم علي التقاعد ..
فماذا فعل القضاة بنا ؟!
عطلوا نصاً من نصوص القانون يوجب أن يكون ربعالمُعينين في ولاية القضاء من المحامين ، فتحملت نقابة المحامين وحدها وزر هذاالموقف .. وحُرم القضاء من خبرات عظيمة .. ألم يكن عبد العزيز باشا فهمي محامياً .. ونقيباً للمحامين .. ثم أصبح رئيساً لمحكمة النقض بل أول رئيساً لمحكمة النقض ،ووزيراً للعدل ..
ألم يكن عبد الفتاح باشا الطويل محامياً ثمصار وزيراً للعدل .. وفتحي الشرقاوي ، ومصطفى مرعي .. والسنهوري .. وغيرهم كثيرينممن شرفوا المُحاماة .. كما شرفوا القضاء سواءً بسواء .. وكان هذا هو بداية الفصامالنكد ..
ثم ماذا يفعل بعض القضاة معنا يومياً ؟!
يضيق صدر بعضهم .. ويقطب جبين البعض الآخر .. بل ويصل الأمر أحياناً إلي حد التعريض بعملنا .. أليسهذا إنتقاصاً من الكرامة ؟!
فقد نصت المادة (1) من قانون المحاماة رقم 17لسنة 1983 علي أن " المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفيتأكيد سيادة القانون ، وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم " .
سؤال يلح أيها السادة .. ويعيينا الجوابُ ..
لماذا هنا عليكم .. ولماذا هان قدرنا لديكم .. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!
نحنُ لسنا عالة عليأحد أيها السادة ..
كيف يرتضي قاضٍ لنفسه يعتلي منصة القضاءالسامقة ، أن يزجر مدافعاً بأنه إذا لم يسكت فسيقوم بإخراجه خارج القاعة .. ويستجوبالمتهم رغماً عنه .. مُخالفاً لنص المادة (274) إجراءات جنائية التي نصت علي أنه " لا يجوز إستجواب المُتهم إلا إذا قبل ذلك " ..
كيف يرتضي قاضٍلنفسه أن ينادي علي الحرس أن يضعوا مُحامياً في القفص مع المتهمين .. ماذا يسمى ذلك؟!!!
لماذا يستكثر البعض أن يكون القاضي مخطئاً .. ويُداري من ذلك أن الخطأ يجريمن إبن آدم مجرى الدم في العروق .. إن المدعي بالحق المدني هو الذي خلق هذه الأزمة .. برعونته وقلة خبرته فيُسأل هو عن النتيجة التي حدثت .. أليس هذا هو الموقف عقلاًوقانوناً ..
فقد نصت المادة (49) من قانون المحاماة علي أن " للمحامى الحق في أن يعامل من المحاكم وسائرالجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة " ، غير أن هذا الإحترام لا يصل إلي غايته ما لم تتضافر معهحماية تسبغ علي المحامي حال قيامه بواجبه وأمانته ، فلا جدوى من ترك واجب الإحترامللآخرين يبذلونه متى شاءوا ويفنون به متى أرادو "
أيها السادة : الأستاذ المحامي عفواً المتهملم يقتحم عليه غرفته كما ذكر .. ولكنه سعى إليه مستأذناً إلي إثبات حقه .. أليس هذاهو القانون ؟! فما كان من القاضي إلا أن أمر الزبانية بالإعتداء عليه ومنعه ..
إن القاضي هو الذي تخلي عن منصته العالية .. ودلف إلي غرفته .. ورفض إثباتطلبات المتهم وهي حقُ له .. ألا يعد ذلك تزويراً بالترك ..
ثُم سؤالٌ آخر .. لماذا إستنفر نادي القضاة من أجل هذه الواقعة .. ولماذا لم يسأل قاضيه عن حقيقة ماحدث .. أليس القاضي ملزم بأن يسمع الطرفين ؟!
ولماذا دعى إلي عقدجمعية عمومية طارئة بتاريخ 18/3/2005 مستغلاً هذا الحدث ومطالباً بإستقلال السلطةالقضائية والتي سميت حينئذٍ بـ " إنتفاضة القضاة " ..
ونحنُ أول من طالبإلي جانبه بإستقلالها .. لكن أن يتخذ من المحاماة وسيلة مطوية إلي هذا الغرض .. فبئست الغاية وساءت المطية ..
فقد إتخذت الجمعية العمومية الغير عادية عدةتوصيات :
أولها : سرعة الإنتهاء من تحقيقات النيابة العامة في شأن تعطيل جلسة محكمةجنح سيدي جابر والتصرف فيها بما يحفظ للقضاء هيئته وإحترامه ..
.. وهذه التوصية .. ما هي إلا تحريض للنيابة بإنهاء التحقيقات شريطة أن يحفظ للقضاء هيبته .. وهذا ماجرى .. ففي اليوم التالي أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار المتهمين وعرضهما مقبوضاًعليهما ..
ثم سألت النيابة العامة المتهمين في 23/3/2005واللذين طلبا شهود نفي فأرجأتها النيابة لجلسة 28/3/2005 لشهود النفي .. إلا أننافوجئنا بأن القضية قد أحيلت دون إستيفاء المطلوب .. بل وحددت محكمة الإستئناف جلسة 9/4 للمُحاكمة في غير دورها .. فماذا يدعى ذلك ؟!
التوصية الخامسة : مُطالبة المستشار وزير العدل بإنهاء ندب المستشار رئيس محكمة الإسكندرية الإبتدائية .
التوصية السادسة : تكليف مجلس إدارة نادي القضاة بالإسكندرية بإسقاط عضويةالمستشار رئيس محكمة المنصورة الإبتدائية .
.. وهكذا غلب علي هذهالتوصيات صوت الشباب الثائر ، واللذين أسموا أنفسهم كذلك ، وأهانوا رجلاً من العصرالجميل وهو المستشار رئيس المحكمة الإبتدائية .. لا لشيء .. إلا لأنه نزل إلي حجرةالمحامين لرأب الصدع وإحتواء الأزمة ..
وما دروا أنه بنزوله إلينا .. قد إرتفعت قامتهفي نظرنا إلي عنان السماء ..
ونحن لا نعترض لا نعترض أن يعقد القضاةجمعيتهم العادية وغير العادية .. لكن أن تعلن الحرب علينا جملةً واحدة .. فهو أمرتأباه العدالة وتأباه حكمة الشيوخ .. وصدق الله العظيم .. " ولا يجرمنك شنآن قومٍعلي ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى " .
وفي المقابل .. عندمارُعت البلاد مؤخراً في الإعتداء الآثم من الشرطة علي بعض القضاة بالضرب وبالإهانةالعمدية ، وعدم الإنصياع لأوامرهم .. بل وإصدار الأوامر لبعضهم ..
نقول .. ماذا كان موقف القضاء .. ومجلسه الأعلى .. والنائب العام ..
صرحوا بأن ما حدث هو تجاوزات لا تشكل جريمة .. بل وصلوا إلي حد أن نعتوا بعضالقضاة اللذين طالبوا بالتحقيق بأنها فئة مارقة ..
.. أي وربي حدث ذلك ..
لكن ما وقع من الأستاذ المحامي .... زوداً عن حقه هو الجريمة .. وغداالمطالبة بالثأر واجباً مقدساً ما لهم كيف يحكمون .. ومن أي فئة ينتصرون ؟!
أليس غريباً أيها السادة أن يدفع المحامون وحدهم الجزئية في القرن الواحدوالعشرون ؟!
نحنُ أيها السادة : في كل ذلك لا نطلب أنتقضوا لنا بحق لسنا أهلاً له .. ولكننا نطالب فقط بالإنصاف .. نطالب بالعفو عندالمقدرة ..
راجعوا أيُها السادة .. كيف تولت النيابةالعامة التحقيق .. إنفردت وحدها بالأمر وسألت من شاءت وأشاحت بوجهها عن سؤال شهودالنفي ..
وأمرت بضبط وإحضار المتهم وعرضه عليهامقبوضاً عليه .. وصالت وجالت .. أتلك هي العدالة .. أهذه صلة الأرحام ..
أليس غريباً أيها السادة أن يسأل المُحقق .. الحاجب .. هل ما بدر من القاضييُعد إمتهاناً لكرامة المحامي والمحاماة .. وهل يفهم الحاجب مثل هذه الأمور؟!
إن سؤال الحاجب عن هذا الشأن .. هو عين الإمتهان لكرامتنا .. فهل الحاجب هوالذي يحكم علينا ويُعلق علي تقديره ..
إن شئتم فسئلوا أهل الذكر .. إن كنتم تريدون ..
ثم .. أو يملك الحاجب ، وأمين السر ، والمجند بالأمن المركزي . أن يقول عكسما يريده سيده ورب نعمته ..
نحنُ نرى أيها السادة هذه الأيام أنوفاً كبيرة، ورؤساً أكبر قد إنبطحت ولا تملك إلا تنفيذ أوامر أسيادها ، بل وتزيين الباطل لها ..
فلماذ سئل المحقق هؤلاء التابعين وأتباع التابعين .. ولم يسأل شهود المتهم؟!
أمن أجل تقوية الدليل الواهن ضد الزميل .. وكأنه عدوٍ مبين ..
أليس أوهن البيوت هو بيت العنكبوت ..
وهذا ما يدفعنا لأننقرر مطمئنين أن النيابة كانت غير محايدة .. بل كانت خصماً خصيماً مما يبطلتحقيقاتها وما ترتب عليه من آثار ..
ولا حظوا أيها السادة أقوال هؤلاء التابعينكيف جاءت متطابقة واللغة التي أجابوا بها يقيناً ليست أقوالهم .. ولكنها مملاةعليهم ..
أليست أولويات وضمانات التحقيق الإبتدائي هو حياد التحقيق لأنه أول الضماناتالتي تكفل الوصول إلي الحقيقة ..
ومن أجل ذلك يجب ألا يكون المُحقق طرفاً منأطراف القضية وإنما حكماً بين أطرافها ، ويجب عدم الخلط بين حياد التحقيق ، ونزاهةالمحقق لأن عدم حياد التحقيق لا يشمل عدم نزاهة المُحقق ، بالإضافة إلي حالات الخطأالمهني الجسيم وهي حالات الخروج عن الحيدة دون قصدٍ من المُحقق ، وجميعها تؤدي إليبطلان التحقيق ..
أهذه هي الحيدة والشفافية من المُحقق ..؟!
ثم من الذي أوحى إلي وكيل النيابة بأن يُسجل .. حسب روايته .. ما جرى منهاتفه المحمول ، وهو الذي ذكر أنه كاد أن يختنق من شدة الزحام ، أليس هذا خرقاًللقانون ..
ولماذا لم يُضم هذا الهاتف إلي أوراق الدعوى .. ولماذا هو الذي شعر بالإختناق ، وفي القاعة من هو أكبر من أبيه .. ثم لم يذكرأحداً أن القاضي منع عُنوه أو أن يداً قد طالته لتمنعه من الخروج .. فكيف دخلالضباط وخرجوا إذاً .. وما هو مفهوم الإحتجاز أيها السادة ..
ثم لا حظوا كيف أضافالقاضي في مُذكرته بأن ما بدر منعه من أداء عمله من الذي أوحى إليه بذلك .. ثم ألايعد ذلك تزويراً ؟!
ثم أخيراً .. ما غاية هذه الدعوى .. أن يُحكمعلي الزميل .. وأن تحكموا علي المحاماة .. وأن يسكت صوت الحق في هذه الأمة .
تملكون ذلك .. ونحن نملك أيضاً حق الرد علي ذلك .. نملك أيها السادة أننُثبت في محاضر الجلسات أن القاضي بدء الجلسة في الثانية عشر ظهراً في حين أنه أثبتأنها بدأت في التاسعة صباحاً .. علي غير الحقيقة مما يعد معه تزويراً ..
نَمِلك أيها السادة أن نثبت أن القاضي قد أثبت في حكمه أنه تلقى تقريرالتلخيص ، رغم أنه لم يكتب أصلاً ولم يُنطق به .. مما يعد مخالفاً للحقيقة ويعد معهالأمر تزويراً ..
نملك أيها السادة أن نثبت أنه لم يتم إيداعأسباب الأحكام في مدتها القانونية .. بل نملك أن نثبت أنه ليس هُناك أسباب عليالإطلاق ..
نملك الكثير أيها السادة من أخطاء ترد يومياًونغضُ الطرف عنها ، لأننا نقدر القضاء وجلال دوره .. وتصوروا مدى إضطراب العدالة لوأننا تمسكنا بكل ذلك ..
لكننا لن نفعل .. نعم .. ولن نفعل أي أمر منشأنه التهوين من مقامكم العالي .. فقيمكتم عندنا غالية وقامتكم في نظرنا عالية ..
أيها السادة الأجلاء..
علموا شباب القُضاة أننا شركاء في الأمر وأنغايتنا واحدة ..
علموهم أن يتعاملوا معنا بالإحترام اللازمفنحنُ أولى بهذا الإحترام وتلك المودة من الضباط نزولاً علي نص المادة (49) منقانون المحاماة .
علموهم أن لنا دوراً لا يقل عن دورهم .. طبقاًلنص المادة (1) من قانون المحاماة التي نصت علي أن " المحاماة مهنه حره تُشاركالسلطة القضائية في تحقيق العدالة ، وفي تأكيد سيادة القانون ، وفي كفالة حق الدفاع " .
علموهم أن عمل المحامي بالنسبة للقاضي هو العدسة التي تكشف له التعاريجوالمنحنيات الدقيقة التي يعتمد عليه الخصوم في تكييف الواقعة .. وأن القاضي مهماكان ذكياً وفطناً ، ومهما توافر له الوقت لبحث الخصوم في حاجة لذلك المنظار ..
علموهم أيها السادة أن المحامي ليس في مرتبة أدنى من القاضي ..لأن الأخيريجلس علي منصته العالية ، ونحن نؤدي رسالتنا وقوفاً .. فإنما المحامي أمام القاضيوأمام الناس ليُشهدهم ، ويُشهد الله قبلهم أنه رسول العدالة .. وأنَّ من طُرقالعبادة ما نؤديه وقوفاً أو جلوساً .. فكلا الموقفين يستويان ، ومن الناس من يعبدالله قياماً وقعوداً وعلي جنوبهم ..
علموهم أن المحامي إنما يقف في مكان مُنخفضمرتدياً السواد حُزناً .. ليكون قريباً مع من قهرتهم شهوة الإنسان والسُلطان ليسمعأناتهم فيُرسلها إلي قلب القاضي ..
نحن بحاجة إلي أن نتصارح أيها السادة .. والأمر أكبر من أن نداري أو نهمس في شأنه .. وليس أمامنا سوى أن نأخذه مأخذ الجد لاهزل فيه ..
.. بقيت في كنانتي كلمةواحدة..
أجد من المناسب أن أُذكركم بها علَ الذكر تنفع المؤمنين .. وهو يوم الحديبية .. عندما منعت قريش رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصدته عن المسجد الحراموالبلد الحرام ، فقال :
" والله لا تدعوني قريش إلي خُطة توصل فيهاالأرحام .. وتُعظم فيها الحرمات إلا أجبتم " .. صدق رسول الله ..
ما أحوجنا أيها السادة إلي تعظيم الحرمات .. وإلي وصل الأرحام ..
أيها السادة الأجلاء ..
هذه هي قضيتنا .. وهذا بعض من معاناتنا ..
وهذه هي قضية المدعي المدني والنيابة العامة .. جاءت خاوية علي عُروشها .. فبئر مُعطلةٌ وقصر مشيد ..
فأي القضيتين أحقُ بالأمر ..
والأمر إليكم فانظروا ماذا تأمرون
" أيها السادة : أرجو أن يتسع لنا صدرُكمبالذي ضاق به صدرُنا ، وبذات القدر من الليل البهيم الذي أرق مضجع المتهم .
وأرجو إبتداءً أن تسجل مُرافعاتنا كاملة بمحضر الجلسة .. لأننا نُؤمن أن هذهالقضية سوف يذكرها التاريخ يوماً ما فتكون حُكماً لنا أو علينا .. وإسمحوا لي أنأذكر أن القضية الآن بعد أن وصلت إلي هذا الطور لم تعد قضية المتهم ..... وصاحبه .... بل هي قضية المحاماة جميعاً . وإذا كان البعض قد أراد لنا أن نُحاكم .... فإننا نقبل المحاكمة ، ومن حقنا أن نقول ما نشاء بدون خجلٍ أو مؤاربة أو حياءٍ .. نعم سنكون في هذه المحاكمة صُرحاء .... أشد ما تكون الصراحة ، حتى ولو كانت موجعةللبعض ، أو تورم منها أنوف آخرين .. لأننا وحتى هذه اللحظات كنا نعتقد أن صوت العقلسيغلب ، وأنَّ المصلحة العليا ستُغلب .. لكن قرت عُيون البعض بتلك المُحاكمة .. وقُرت عيون آخرين بوجودنا خلف القضبان ، فلتكن المُحاكمة إذاً هي نهاية المطاف .. وليكن حكمكم هو غاية العدل ومنتهى الإنصاف ، ولتكن مشيئة الله هي العليا .. ولوتواعدتم لاختلفتم في الأمر في الميعاد ، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ليحي منحيَّ عن بينه ، ويهلك من هلك عن بيينه .
والحقُ أقول لكم ،وحقٌ أقول أنه إذا كان في الحكم علي الأستاذ ... المحامي شفاءٌ لما في الصدورفاحُكموا عليه ، وإذا كان ميزان العدالة سيستقيم بالحكم عليه فاقضوا عليه . وإذاكان الحكم عليه قرباناً للعدالة وإرضاءً للآلهة فإننا نقدمه مختارين طائعين .
أما إذا كان في الحكم عليه مساساً بقيم المحاماة وأعرافها ، وحُسن العلاقةبيننا وإفتئاتاً علي القانون، فإننا نحتج .. ونعترض ..
ونقول ....
ما الذي جعل العلاقة بين القضاء والمحامين وهم أبناء رحمٍ واحد وغاية واحدة، تصل إلي هذا المنحنى وذلك المنعطف الخطر ؟!
أقول لكم ..
لم نبدأ نحنُ بالعداوة .. لم نتسلل إلي محرابكم .. ولكننا أصحاب حقٍ وأصحابقضية وأصحاب رسالة .. وما آتينا نُمارس هذه الرسالة إلا بمقتضى القانون ومن منطقالعدالة .. فلسنا دخلاء أيها السادة وليس الأمر منوط بالقضاة وحدهم .. فالعدالة لاتستقم علي قدمٍ واحدة.
ونحنُ القدم الأخرى ..
والقول بغير ذلك يهدمميزان العدالة ويقوضها .. أليس للميزان كفتين ؟!
ولئن كان الله خلقالإنسان من عينين ، وشفتين ، وأذنين ، وكفين ، وقدمين . فقد خلق الإنسان بقلبٍ واحد .. ولسانٍ واحد .. فأنتم أيها السادة القلب ، ونحنُ اللسان ، ومخطئ من ظن يوماً أنيضن علينا بالكلام ، وأُقر مطمئناً أن طبيعة عمل المحامي وخبرته المكتسبة من ممارسةالمهنة ، لا يُمكن أن تحمله علي الإعتداء علي القاضي أبداً ..
بينما طبيعة عملالقاضي الذي يؤدي وظيفته بين إحترام الجمهور ، ووسط الإبتسامات المتملقة ، والخضوعالمغري من كل جانب تجعله يعتبر أن أي طلب يطلب منه أو مناقشة بينه وبين المحامي فيعملهما المشترك خروجاً علي كرامة القضاء ..
والغريب أن الخلافَقد قام بين الفريقين عن أصلٍ واحد هو صون الكرامة ، فكيف يتفق الطرفان علي المبدأثم يختلفان عند التنفيذ..
أو بمعنى آخر ..
ما هو مفهوم الكرامةعند الطرفين ؟!
إن طبيعة عمل الفريقين جد مختلفة .. فالمحامييرجو ويتوسل ويترافع علناً ويكتُب مذكراته .. ويؤكد في كل كلمة ثقته بعدالة قاضيه .. بينما طبيعة عمل القاضي السكوت ، علاوةً علي أنه لا يتكلم عن آداب المأموريةالمشتركة بينهما .. بل لعله لا يراها كذلك ..
ويعمل المحاميجاهداً علي إستمالة القاضي تمهيداً لإقناعه بحق موكله .. والقاضي لا يبغي شيئاً منالمحامي .. ومن ثم لا تهمه حالته النفسية ، وقد يرى أن تكرار الخضوع حقاً خالصاً له ..
فإذا قلنا بالمساواة والإخلاص بين الإثنين .
أيها السادة : فإنمانرجو تلك المساواة الداخلية في التقدير والإحترام ، لا المساواة الخارجية المستمدةمن خوف الجماهير وتحيات الجنود والحراس . فذلك مما لا مطمع لنا فيه ، ولا حاجة لنابه .
نحن نعاني أيها السادة .. نعاني من إضطهاد السلطة وتهميشها لنا .. نعاني منعسف الإدارة وجهلها .. نعاني من ظلم الموكلين وأكلهم بالباطل حقوقنا ..
بل ونعاني من ساعة دخولنا المحكمة ، وطمع صغار النفوس فينا .. ونعاني منصدود بعض القضاة وضيق صدورهم بنا .. نعاني في إنتظار بدء الجلسة والتي تتأخر لساعات .. فإذا ما إنصرفنا لقضاء مشاغلنا .. ثم عدنا .. يرفض القاضي أن يعيد القضية رغمأنه لا زالت الجلسة منعقدة .. كنص قانون المرافعات .. وهو الذي تسبب لنا في هذاالإرتباك .. وحينئذٍ تبدأ المُشاحنة التي ينتصر فيها القاضي دائماً .
نعاني في حضورنا الجلسة وإبداء دفاعنا ، وما نعتقد أنه صواب ونؤمن به .. غيرأن بعض القضاة يظهرون عدم الإكتراث بما نقول .. ويعرض عنا بصورة فيها إمتهانلكرامتنا .. ونلتزم في ذلك غاية اللياقة والأدب .. ونطوى الصدر عن ألمٍ دفين ..
ثم يصدر القاضي حكمه .. وقد يكون خاطئًا .. فإذا ما طعنا علي ذلك ، نذكر فيطعننا تأدباً ورقاً أن الحكم قد أخطأ ، ولا نقول أن القاضي هو الذي أخطأ ..
نحنُ اللذينَّ ننتظر لساعات لبدء الجلسات ..
نحنُ اللذينَّ نقفإجلالاً لكم حال دخولكم القاعة ..
ونحنُ اللذينَّ نقف إحتراماً عند إنصرافكم ..
ونحنُ اللذينَّ لا نتحدث بين أيديكم إلا بإذن ، ولا نصمت إلا بإذن ..
نحنُ اللذينَّ تعلمنا من أسلافنا العظام الإنحناء في محرابكم تقديساًللعدالة ..
ونحنُ اللذينَّ لا نخاطبكم إلا بالإحترامالكامل .. والتوقير اللازم ، ونلتمس ونبتهل ونتضرع ونفوض لكم الأمر من قبل ومن بعد ..
ونحنُ اللذينَّ فتحنا أبواب نقابتنا للقضاة عام 69 بعد أن ذبحتُهم السلطةوأسقطت عنهم حصانتهم .
ونحنُ اللذينَّ لا زالت أبواب نقابتنا مفتوحةلمن أراد منكم أن يعمل بالمحاماة بعد تقاعده .. بل ومن أكره منكم علي التقاعد ..
فماذا فعل القضاة بنا ؟!
عطلوا نصاً من نصوص القانون يوجب أن يكون ربعالمُعينين في ولاية القضاء من المحامين ، فتحملت نقابة المحامين وحدها وزر هذاالموقف .. وحُرم القضاء من خبرات عظيمة .. ألم يكن عبد العزيز باشا فهمي محامياً .. ونقيباً للمحامين .. ثم أصبح رئيساً لمحكمة النقض بل أول رئيساً لمحكمة النقض ،ووزيراً للعدل ..
ألم يكن عبد الفتاح باشا الطويل محامياً ثمصار وزيراً للعدل .. وفتحي الشرقاوي ، ومصطفى مرعي .. والسنهوري .. وغيرهم كثيرينممن شرفوا المُحاماة .. كما شرفوا القضاء سواءً بسواء .. وكان هذا هو بداية الفصامالنكد ..
ثم ماذا يفعل بعض القضاة معنا يومياً ؟!
يضيق صدر بعضهم .. ويقطب جبين البعض الآخر .. بل ويصل الأمر أحياناً إلي حد التعريض بعملنا .. أليسهذا إنتقاصاً من الكرامة ؟!
فقد نصت المادة (1) من قانون المحاماة رقم 17لسنة 1983 علي أن " المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفيتأكيد سيادة القانون ، وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم " .
سؤال يلح أيها السادة .. ويعيينا الجوابُ ..
لماذا هنا عليكم .. ولماذا هان قدرنا لديكم .. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!
نحنُ لسنا عالة عليأحد أيها السادة ..
كيف يرتضي قاضٍ لنفسه يعتلي منصة القضاءالسامقة ، أن يزجر مدافعاً بأنه إذا لم يسكت فسيقوم بإخراجه خارج القاعة .. ويستجوبالمتهم رغماً عنه .. مُخالفاً لنص المادة (274) إجراءات جنائية التي نصت علي أنه " لا يجوز إستجواب المُتهم إلا إذا قبل ذلك " ..
كيف يرتضي قاضٍلنفسه أن ينادي علي الحرس أن يضعوا مُحامياً في القفص مع المتهمين .. ماذا يسمى ذلك؟!!!
لماذا يستكثر البعض أن يكون القاضي مخطئاً .. ويُداري من ذلك أن الخطأ يجريمن إبن آدم مجرى الدم في العروق .. إن المدعي بالحق المدني هو الذي خلق هذه الأزمة .. برعونته وقلة خبرته فيُسأل هو عن النتيجة التي حدثت .. أليس هذا هو الموقف عقلاًوقانوناً ..
فقد نصت المادة (49) من قانون المحاماة علي أن " للمحامى الحق في أن يعامل من المحاكم وسائرالجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة " ، غير أن هذا الإحترام لا يصل إلي غايته ما لم تتضافر معهحماية تسبغ علي المحامي حال قيامه بواجبه وأمانته ، فلا جدوى من ترك واجب الإحترامللآخرين يبذلونه متى شاءوا ويفنون به متى أرادو "
أيها السادة : الأستاذ المحامي عفواً المتهملم يقتحم عليه غرفته كما ذكر .. ولكنه سعى إليه مستأذناً إلي إثبات حقه .. أليس هذاهو القانون ؟! فما كان من القاضي إلا أن أمر الزبانية بالإعتداء عليه ومنعه ..
إن القاضي هو الذي تخلي عن منصته العالية .. ودلف إلي غرفته .. ورفض إثباتطلبات المتهم وهي حقُ له .. ألا يعد ذلك تزويراً بالترك ..
ثُم سؤالٌ آخر .. لماذا إستنفر نادي القضاة من أجل هذه الواقعة .. ولماذا لم يسأل قاضيه عن حقيقة ماحدث .. أليس القاضي ملزم بأن يسمع الطرفين ؟!
ولماذا دعى إلي عقدجمعية عمومية طارئة بتاريخ 18/3/2005 مستغلاً هذا الحدث ومطالباً بإستقلال السلطةالقضائية والتي سميت حينئذٍ بـ " إنتفاضة القضاة " ..
ونحنُ أول من طالبإلي جانبه بإستقلالها .. لكن أن يتخذ من المحاماة وسيلة مطوية إلي هذا الغرض .. فبئست الغاية وساءت المطية ..
فقد إتخذت الجمعية العمومية الغير عادية عدةتوصيات :
أولها : سرعة الإنتهاء من تحقيقات النيابة العامة في شأن تعطيل جلسة محكمةجنح سيدي جابر والتصرف فيها بما يحفظ للقضاء هيئته وإحترامه ..
.. وهذه التوصية .. ما هي إلا تحريض للنيابة بإنهاء التحقيقات شريطة أن يحفظ للقضاء هيبته .. وهذا ماجرى .. ففي اليوم التالي أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار المتهمين وعرضهما مقبوضاًعليهما ..
ثم سألت النيابة العامة المتهمين في 23/3/2005واللذين طلبا شهود نفي فأرجأتها النيابة لجلسة 28/3/2005 لشهود النفي .. إلا أننافوجئنا بأن القضية قد أحيلت دون إستيفاء المطلوب .. بل وحددت محكمة الإستئناف جلسة 9/4 للمُحاكمة في غير دورها .. فماذا يدعى ذلك ؟!
التوصية الخامسة : مُطالبة المستشار وزير العدل بإنهاء ندب المستشار رئيس محكمة الإسكندرية الإبتدائية .
التوصية السادسة : تكليف مجلس إدارة نادي القضاة بالإسكندرية بإسقاط عضويةالمستشار رئيس محكمة المنصورة الإبتدائية .
.. وهكذا غلب علي هذهالتوصيات صوت الشباب الثائر ، واللذين أسموا أنفسهم كذلك ، وأهانوا رجلاً من العصرالجميل وهو المستشار رئيس المحكمة الإبتدائية .. لا لشيء .. إلا لأنه نزل إلي حجرةالمحامين لرأب الصدع وإحتواء الأزمة ..
وما دروا أنه بنزوله إلينا .. قد إرتفعت قامتهفي نظرنا إلي عنان السماء ..
ونحن لا نعترض لا نعترض أن يعقد القضاةجمعيتهم العادية وغير العادية .. لكن أن تعلن الحرب علينا جملةً واحدة .. فهو أمرتأباه العدالة وتأباه حكمة الشيوخ .. وصدق الله العظيم .. " ولا يجرمنك شنآن قومٍعلي ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى " .
وفي المقابل .. عندمارُعت البلاد مؤخراً في الإعتداء الآثم من الشرطة علي بعض القضاة بالضرب وبالإهانةالعمدية ، وعدم الإنصياع لأوامرهم .. بل وإصدار الأوامر لبعضهم ..
نقول .. ماذا كان موقف القضاء .. ومجلسه الأعلى .. والنائب العام ..
صرحوا بأن ما حدث هو تجاوزات لا تشكل جريمة .. بل وصلوا إلي حد أن نعتوا بعضالقضاة اللذين طالبوا بالتحقيق بأنها فئة مارقة ..
.. أي وربي حدث ذلك ..
لكن ما وقع من الأستاذ المحامي .... زوداً عن حقه هو الجريمة .. وغداالمطالبة بالثأر واجباً مقدساً ما لهم كيف يحكمون .. ومن أي فئة ينتصرون ؟!
أليس غريباً أيها السادة أن يدفع المحامون وحدهم الجزئية في القرن الواحدوالعشرون ؟!
نحنُ أيها السادة : في كل ذلك لا نطلب أنتقضوا لنا بحق لسنا أهلاً له .. ولكننا نطالب فقط بالإنصاف .. نطالب بالعفو عندالمقدرة ..
راجعوا أيُها السادة .. كيف تولت النيابةالعامة التحقيق .. إنفردت وحدها بالأمر وسألت من شاءت وأشاحت بوجهها عن سؤال شهودالنفي ..
وأمرت بضبط وإحضار المتهم وعرضه عليهامقبوضاً عليه .. وصالت وجالت .. أتلك هي العدالة .. أهذه صلة الأرحام ..
أليس غريباً أيها السادة أن يسأل المُحقق .. الحاجب .. هل ما بدر من القاضييُعد إمتهاناً لكرامة المحامي والمحاماة .. وهل يفهم الحاجب مثل هذه الأمور؟!
إن سؤال الحاجب عن هذا الشأن .. هو عين الإمتهان لكرامتنا .. فهل الحاجب هوالذي يحكم علينا ويُعلق علي تقديره ..
إن شئتم فسئلوا أهل الذكر .. إن كنتم تريدون ..
ثم .. أو يملك الحاجب ، وأمين السر ، والمجند بالأمن المركزي . أن يقول عكسما يريده سيده ورب نعمته ..
نحنُ نرى أيها السادة هذه الأيام أنوفاً كبيرة، ورؤساً أكبر قد إنبطحت ولا تملك إلا تنفيذ أوامر أسيادها ، بل وتزيين الباطل لها ..
فلماذ سئل المحقق هؤلاء التابعين وأتباع التابعين .. ولم يسأل شهود المتهم؟!
أمن أجل تقوية الدليل الواهن ضد الزميل .. وكأنه عدوٍ مبين ..
أليس أوهن البيوت هو بيت العنكبوت ..
وهذا ما يدفعنا لأننقرر مطمئنين أن النيابة كانت غير محايدة .. بل كانت خصماً خصيماً مما يبطلتحقيقاتها وما ترتب عليه من آثار ..
ولا حظوا أيها السادة أقوال هؤلاء التابعينكيف جاءت متطابقة واللغة التي أجابوا بها يقيناً ليست أقوالهم .. ولكنها مملاةعليهم ..
أليست أولويات وضمانات التحقيق الإبتدائي هو حياد التحقيق لأنه أول الضماناتالتي تكفل الوصول إلي الحقيقة ..
ومن أجل ذلك يجب ألا يكون المُحقق طرفاً منأطراف القضية وإنما حكماً بين أطرافها ، ويجب عدم الخلط بين حياد التحقيق ، ونزاهةالمحقق لأن عدم حياد التحقيق لا يشمل عدم نزاهة المُحقق ، بالإضافة إلي حالات الخطأالمهني الجسيم وهي حالات الخروج عن الحيدة دون قصدٍ من المُحقق ، وجميعها تؤدي إليبطلان التحقيق ..
أهذه هي الحيدة والشفافية من المُحقق ..؟!
ثم من الذي أوحى إلي وكيل النيابة بأن يُسجل .. حسب روايته .. ما جرى منهاتفه المحمول ، وهو الذي ذكر أنه كاد أن يختنق من شدة الزحام ، أليس هذا خرقاًللقانون ..
ولماذا لم يُضم هذا الهاتف إلي أوراق الدعوى .. ولماذا هو الذي شعر بالإختناق ، وفي القاعة من هو أكبر من أبيه .. ثم لم يذكرأحداً أن القاضي منع عُنوه أو أن يداً قد طالته لتمنعه من الخروج .. فكيف دخلالضباط وخرجوا إذاً .. وما هو مفهوم الإحتجاز أيها السادة ..
ثم لا حظوا كيف أضافالقاضي في مُذكرته بأن ما بدر منعه من أداء عمله من الذي أوحى إليه بذلك .. ثم ألايعد ذلك تزويراً ؟!
ثم أخيراً .. ما غاية هذه الدعوى .. أن يُحكمعلي الزميل .. وأن تحكموا علي المحاماة .. وأن يسكت صوت الحق في هذه الأمة .
تملكون ذلك .. ونحن نملك أيضاً حق الرد علي ذلك .. نملك أيها السادة أننُثبت في محاضر الجلسات أن القاضي بدء الجلسة في الثانية عشر ظهراً في حين أنه أثبتأنها بدأت في التاسعة صباحاً .. علي غير الحقيقة مما يعد معه تزويراً ..
نَمِلك أيها السادة أن نثبت أن القاضي قد أثبت في حكمه أنه تلقى تقريرالتلخيص ، رغم أنه لم يكتب أصلاً ولم يُنطق به .. مما يعد مخالفاً للحقيقة ويعد معهالأمر تزويراً ..
نملك أيها السادة أن نثبت أنه لم يتم إيداعأسباب الأحكام في مدتها القانونية .. بل نملك أن نثبت أنه ليس هُناك أسباب عليالإطلاق ..
نملك الكثير أيها السادة من أخطاء ترد يومياًونغضُ الطرف عنها ، لأننا نقدر القضاء وجلال دوره .. وتصوروا مدى إضطراب العدالة لوأننا تمسكنا بكل ذلك ..
لكننا لن نفعل .. نعم .. ولن نفعل أي أمر منشأنه التهوين من مقامكم العالي .. فقيمكتم عندنا غالية وقامتكم في نظرنا عالية ..
أيها السادة الأجلاء..
علموا شباب القُضاة أننا شركاء في الأمر وأنغايتنا واحدة ..
علموهم أن يتعاملوا معنا بالإحترام اللازمفنحنُ أولى بهذا الإحترام وتلك المودة من الضباط نزولاً علي نص المادة (49) منقانون المحاماة .
علموهم أن لنا دوراً لا يقل عن دورهم .. طبقاًلنص المادة (1) من قانون المحاماة التي نصت علي أن " المحاماة مهنه حره تُشاركالسلطة القضائية في تحقيق العدالة ، وفي تأكيد سيادة القانون ، وفي كفالة حق الدفاع " .
علموهم أن عمل المحامي بالنسبة للقاضي هو العدسة التي تكشف له التعاريجوالمنحنيات الدقيقة التي يعتمد عليه الخصوم في تكييف الواقعة .. وأن القاضي مهماكان ذكياً وفطناً ، ومهما توافر له الوقت لبحث الخصوم في حاجة لذلك المنظار ..
علموهم أيها السادة أن المحامي ليس في مرتبة أدنى من القاضي ..لأن الأخيريجلس علي منصته العالية ، ونحن نؤدي رسالتنا وقوفاً .. فإنما المحامي أمام القاضيوأمام الناس ليُشهدهم ، ويُشهد الله قبلهم أنه رسول العدالة .. وأنَّ من طُرقالعبادة ما نؤديه وقوفاً أو جلوساً .. فكلا الموقفين يستويان ، ومن الناس من يعبدالله قياماً وقعوداً وعلي جنوبهم ..
علموهم أن المحامي إنما يقف في مكان مُنخفضمرتدياً السواد حُزناً .. ليكون قريباً مع من قهرتهم شهوة الإنسان والسُلطان ليسمعأناتهم فيُرسلها إلي قلب القاضي ..
نحن بحاجة إلي أن نتصارح أيها السادة .. والأمر أكبر من أن نداري أو نهمس في شأنه .. وليس أمامنا سوى أن نأخذه مأخذ الجد لاهزل فيه ..
.. بقيت في كنانتي كلمةواحدة..
أجد من المناسب أن أُذكركم بها علَ الذكر تنفع المؤمنين .. وهو يوم الحديبية .. عندما منعت قريش رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصدته عن المسجد الحراموالبلد الحرام ، فقال :
" والله لا تدعوني قريش إلي خُطة توصل فيهاالأرحام .. وتُعظم فيها الحرمات إلا أجبتم " .. صدق رسول الله ..
ما أحوجنا أيها السادة إلي تعظيم الحرمات .. وإلي وصل الأرحام ..
أيها السادة الأجلاء ..
هذه هي قضيتنا .. وهذا بعض من معاناتنا ..
وهذه هي قضية المدعي المدني والنيابة العامة .. جاءت خاوية علي عُروشها .. فبئر مُعطلةٌ وقصر مشيد ..
فأي القضيتين أحقُ بالأمر ..
والأمر إليكم فانظروا ماذا تأمرون
المصدر: نقلاً عن موقع الأستاذ مبروك محمد حسن
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى