هل تعلم لماذا خلقت الملاكة؟؟!!!
الأربعاء 22 فبراير 2012, 02:08
ما
الحكمة من خلق الملائكة ؟ هل خُلقوا لا لشيء سوى متعة الخلق أم للاختبار
والتمحيص ؟. وهل عندما خلق الله إبليس كان يعرف نهايته ومستقبله في الأرض ؟
وهل لم يستطع الله خلق إبليس على الهدى الذي أراده له ؟.
الحمد لله
أولاً:
لا
يتم إيمان المسلم حتى يثبت لربه تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات
والأفعال ، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم كذلك ، ومما ثبت لله
تعالى من الأسماء " الحكيم " ، ومما ثبت له من الصفات " الحكمة "
، فلم يخلق الله تعالى خلقاً إلا لحكمة ، ولم يشرع شرعاً إلا لحكمة ، وليس
بالضرورة أن تصل عقول العباد إلى تلك الحكم دائما ، بل قد يبين الله تعالى
لعباده بعض تلك الحكم ، وقد يستر عنهم بعضهم ، محنة لهم ، واختبارا
لعبودئتهم وتسليمهم لربهم.
الحكمة من خلق الملائكة ؟ هل خُلقوا لا لشيء سوى متعة الخلق أم للاختبار
والتمحيص ؟. وهل عندما خلق الله إبليس كان يعرف نهايته ومستقبله في الأرض ؟
وهل لم يستطع الله خلق إبليس على الهدى الذي أراده له ؟.
الحمد لله
أولاً:
لا
يتم إيمان المسلم حتى يثبت لربه تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات
والأفعال ، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم كذلك ، ومما ثبت لله
تعالى من الأسماء " الحكيم " ، ومما ثبت له من الصفات " الحكمة "
، فلم يخلق الله تعالى خلقاً إلا لحكمة ، ولم يشرع شرعاً إلا لحكمة ، وليس
بالضرورة أن تصل عقول العباد إلى تلك الحكم دائما ، بل قد يبين الله تعالى
لعباده بعض تلك الحكم ، وقد يستر عنهم بعضهم ، محنة لهم ، واختبارا
لعبودئتهم وتسليمهم لربهم.
ثانياً:
قدر
الله تعالى أن يخلق الملائكة ، ولا شهوة لهم إلى المعصية ، بل همتهم
مصروفة بالكلية إلى طاعة رب العالمين ؛ فليس لهم في الدنيا اختبار ولا
ابتلاء ، ولا عليهم في الآخرة حساب ولا جزاء.
قال ابن القيم – رحمه الله - :
فإن
الله سبحانه خلق خلقَه أطواراً ، فخلق الملائكة عقولاً لا شهوات لها ولا
طبيعة تتقاضى منها خلاف ما يراد من مادة نورية لا تقتضي شيئاً من الآثار
والطبائع المذمومة ، وخلق الحيوانات ذوات شهوات لا عقول لها ، وخلق الثقلين
الجن والإنس وركب فيهم العقول والشهوات والطبائع المختلفة لآثارمختلفة
بحسب موادها وصورها وتركيبها ، وهؤلاء هم أهل الامتحان والابتلاء ، وهم
المعرضون للثواب والعقاب ، ولو شاء سبحانه لجعل خلقه على طبيعة خلق واحد
ولم يفاوت بينهم ، لكن ما فعله سبحانه هو محض الحكمة ، وموجب الربوبية ،
ومقتضى الإلهية.
" طريق الهجرتين " ( ص 203 ) .
الله تعالى أن يخلق الملائكة ، ولا شهوة لهم إلى المعصية ، بل همتهم
مصروفة بالكلية إلى طاعة رب العالمين ؛ فليس لهم في الدنيا اختبار ولا
ابتلاء ، ولا عليهم في الآخرة حساب ولا جزاء.
قال ابن القيم – رحمه الله - :
فإن
الله سبحانه خلق خلقَه أطواراً ، فخلق الملائكة عقولاً لا شهوات لها ولا
طبيعة تتقاضى منها خلاف ما يراد من مادة نورية لا تقتضي شيئاً من الآثار
والطبائع المذمومة ، وخلق الحيوانات ذوات شهوات لا عقول لها ، وخلق الثقلين
الجن والإنس وركب فيهم العقول والشهوات والطبائع المختلفة لآثارمختلفة
بحسب موادها وصورها وتركيبها ، وهؤلاء هم أهل الامتحان والابتلاء ، وهم
المعرضون للثواب والعقاب ، ولو شاء سبحانه لجعل خلقه على طبيعة خلق واحد
ولم يفاوت بينهم ، لكن ما فعله سبحانه هو محض الحكمة ، وموجب الربوبية ،
ومقتضى الإلهية.
" طريق الهجرتين " ( ص 203 ) .
ثالثاً:
الملائكة
الكرام خلقٌ من خلق الله تعالى ، عبادٌ مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ،
ويفعلون ما يُؤمرون ، يكلفهم ربهم تعالى بما يشاء ، وإذا علمتَ تلك
الوظائف والأعمال التي يقوم بها أولئك الخلق الكرام فهي الحكمة من خلقهم ،
ومجمل هذه الأعمال والوظائف ثلاثة:
الأولى : عبادة الله تعالى ، وتمجيده ، وتعظيمه ، وتسبيحهالكرام خلقٌ من خلق الله تعالى ، عبادٌ مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ،
ويفعلون ما يُؤمرون ، يكلفهم ربهم تعالى بما يشاء ، وإذا علمتَ تلك
الوظائف والأعمال التي يقوم بها أولئك الخلق الكرام فهي الحكمة من خلقهم ،
ومجمل هذه الأعمال والوظائف ثلاثة:
.
قال تعالى : ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ ) الأنبياء/ 20 ، وقال تعالى – على لسان الملائكة الكرام - : ( وَإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ . وَإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحُونَ ) الصافات/ 165 ، 166 .
عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ ، أَطَّتْ
السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ
أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ ) .
رواه الترمذي ( 2312 ) وابن ماجه ( 4190 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي" .
وانظر شرح الحديث في جواب السؤال رقم ( 131516 ) .
الثانية : القيام بأمر خلق الله تعالى وملكوته تعالى بإذن ربهم وتكليفه .
فمن
الملائكة مكلفون بحمل العرش وعددهم ثمانية ، ومنهم مكلفون بتبليغ الوحي ،
ومنهم خزنة الجنة ، ومنهم خزنة النار ، ومنهم ملائكة الأرزاق ، وهكذا في
سلسلة أعمال جليلة كلفهم بها الرب سبحانه وتعالى .
الثالثة : القيام بأمر بني آدم بإذن ربهم وتكليفه .
فمن
الملائكة من يحرس بني آدم ، ومنهم من يسجل أعمال بني آدم ، ومنهم مكلفون
بقبض الأرواح ، ومنهم المكلف بسؤال الميت في قبره ، والمستغفر للمؤمنين ،
وهكذا في سلسلة أعمال جليلة تتعلق بابن آدم .
وانظر
جواب السؤال رقم ( 14610 ) ، ويمكن أن يراجع تفاصيل ما يتعلق بالملائكة في
كتاب "عالم الملائكة الأبرار" للشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر ، حفظه
الله ، وهو كتاب مهم جامع في بابه .
قال تعالى : ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ ) الأنبياء/ 20 ، وقال تعالى – على لسان الملائكة الكرام - : ( وَإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ . وَإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحُونَ ) الصافات/ 165 ، 166 .
عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ ، أَطَّتْ
السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ
أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ ) .
رواه الترمذي ( 2312 ) وابن ماجه ( 4190 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي" .
وانظر شرح الحديث في جواب السؤال رقم ( 131516 ) .
الثانية : القيام بأمر خلق الله تعالى وملكوته تعالى بإذن ربهم وتكليفه .
فمن
الملائكة مكلفون بحمل العرش وعددهم ثمانية ، ومنهم مكلفون بتبليغ الوحي ،
ومنهم خزنة الجنة ، ومنهم خزنة النار ، ومنهم ملائكة الأرزاق ، وهكذا في
سلسلة أعمال جليلة كلفهم بها الرب سبحانه وتعالى .
الثالثة : القيام بأمر بني آدم بإذن ربهم وتكليفه .
فمن
الملائكة من يحرس بني آدم ، ومنهم من يسجل أعمال بني آدم ، ومنهم مكلفون
بقبض الأرواح ، ومنهم المكلف بسؤال الميت في قبره ، والمستغفر للمؤمنين ،
وهكذا في سلسلة أعمال جليلة تتعلق بابن آدم .
وانظر
جواب السؤال رقم ( 14610 ) ، ويمكن أن يراجع تفاصيل ما يتعلق بالملائكة في
كتاب "عالم الملائكة الأبرار" للشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر ، حفظه
الله ، وهو كتاب مهم جامع في بابه .
رابعاً:
وأما قولك "وهل عندما خلق الله إبليس كان يعرف نهايته ومستقبله في الأرض ؟ "
؛ فاعلم ـ أولاً ـ أنه لا يصح إسلام العبد إلا أن يؤمن أن الله تعالى يعلم
ما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون ؟ وأن من تشكك في شيء من
ذلك : فهو كافر بالله العظيم.
ألست تقرأ قول الله تعالى
( عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي
السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ
إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) سبأ/ 3 ، وقوله تعالى ( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) الطلاق/ 12 ، وقوله ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) المجادلة/ 7 ، وقوله ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/ 3 ؟! فأين أنت عن هذه الآيات ومئات مثلها ، ومئات من الأحاديث ؟! .
خامساً:
أما قولك " وهل لم يستطع الله خلق إبليس على الهدى الذي أراده له ؟ "
: فهذا أيضاً منك عجيب ، فإن كنتَ مسلماً فكيف آمنتَ برب عاجز ؟ وكيف آمنت
- إذاً - بربٍّ خلق الملائكة عباداً طائعين فكان ما أراد الله تعالى منهم ؟.
وقد
ذكرنا لك في أول الجواب كيف اختلف خلق إبليس وآدم عن خلق الملائكة ؛ بل
هذا ـ أيها السائل ـ مما يرشدك إلى تمام قدرة الله جل جلاله ، وعظيم ملكه ؛
فقد خلق من خلقه من لا يعصيه طرفة عين ، بل هو طائع له أبدا ، وهم
الملائكة ، وخلق من لا يطيع أمره أبدا ،بل هو عاص له ، كافر به ، معاند
لأمره ؛ وهم الشياطين ؛ وخلق من جمع بين الوصفين : الإيمان والكفر ،
والطاعة والمعصية ، وهم بنو آدم . والكل خلق الله ، لو شاء لجعلهم على ملة
واحدة ، وخلقة واحدة ، ودين واحد ، لكن حكمته وقدرته اقتضت ذلك ، وهو
المحمود على كل فعله ، وكل قوله ، وكل خلقه سبحانه : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء/23 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَهُوَ
سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ ، وَلَهُ
فِيمَا خَلَقَهُ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ، وَنِعْمَةٌ سَابِغَةٌ ، وَرَحْمَةٌ
عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ ؛ وَهُوَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ
يُسْأَلُونَ ، لَا لِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ ؛ بَلْ لِكَمَالِ
عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/79) .
سادساً:
اعلم
أن كل من ضلَّ عن سواء السبيل فقد جاءه الهدى ، لكنه هو الذي أباه واستكبر
عن اتباعه ، فهداية الدلالة والإرشاد قد وصلتهم ، وأقام بها الله تعالى
الحجة عليهم ، لكنهم أبوا الانقياد لها واتباعها ، فحصل منهم الضلال ، فعمت
هدايته وبيانه للخلق ، وقامت عليهم حجيته سبحانه ، كما قال سبحانه : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/149.
قال ابن القيم رحمه الله :
" فأخبر
سبحانه أن الحجة له عليهم برسله وكتبه ، وبيان ما ينفعهم ويضرهم ، وتمكنهم
من الإيمان بمعرفة أوامره ونواهيه ، وأعطاهم الأسماع والأبصار والعقول ،
فثبتت حجته البالغة عليهم بذلك ، واضمحلت حجتهم الباطلة عليه بمشيئته
وقضائه ، ثم قرر تمام الحجة بقوله : ( فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ )
؛ فإن هذا يتضمن أنه المتفرد بالربوبية والملك والتصرف في خلقه ، وأنه لا
رب غيره ، ولا إله سواه ؛ فكيف يعبدون معه إلها غيره ؟! فإثبات القدر
والمشيئة من تمام حجته البالغة عليهم ، وأن الأمر كله لله ، وأن كل شيء ما
خلا الله باطل ؛ فالقضاء والقدر والمشيئة النافذة من أعظم أدلة التوحيد ،
فجعلها الظالمون الجاحدون حجة لهم على الشرك ، فكانت حجة الله هي البالغة ،
وحجتهم هي الداحضة وبالله التوفيق " انتهى .
"شفاء العليل" (35) .
ونوصيك
أيها السائل بطلب العلم الشرعي ، ومعرفة ما ينفعك في دينك وقربك من ربك
عزَّ وجل ، وابذل وقتك في حفظ القرآن وأكثر من النظر في أحاديث نبيك محمد
صلى الله عليه وسلم ، واطلع على تراجم سلف هذه الأمة وعلمائها ، وسترى –
بإذن الله – خيراً كثيراً ، فساعات العمر أنفس من أن نضيعها فيما لا نفع
فيه ، والعمر محدود أن نفرط فيه فيما قد يضرنا يوم نلقى ربنا تعالى .
وأعظم
ما نوصيك أن تكثر مع ذلك كله من ذكر الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار ،
وأن تجتهد في طاعته ، فإن الشيطان وسواس خناس ، إذا ذكرت الله خنس ، وضعف
عنك ، وإذا غفلت عن ذكره برز إليك ، وشغلك بالوساوس والخطرات .
والله أعلم
؛ فاعلم ـ أولاً ـ أنه لا يصح إسلام العبد إلا أن يؤمن أن الله تعالى يعلم
ما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون ؟ وأن من تشكك في شيء من
ذلك : فهو كافر بالله العظيم.
ألست تقرأ قول الله تعالى
( عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي
السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ
إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) سبأ/ 3 ، وقوله تعالى ( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) الطلاق/ 12 ، وقوله ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) المجادلة/ 7 ، وقوله ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/ 3 ؟! فأين أنت عن هذه الآيات ومئات مثلها ، ومئات من الأحاديث ؟! .
خامساً:
أما قولك " وهل لم يستطع الله خلق إبليس على الهدى الذي أراده له ؟ "
: فهذا أيضاً منك عجيب ، فإن كنتَ مسلماً فكيف آمنتَ برب عاجز ؟ وكيف آمنت
- إذاً - بربٍّ خلق الملائكة عباداً طائعين فكان ما أراد الله تعالى منهم ؟.
وقد
ذكرنا لك في أول الجواب كيف اختلف خلق إبليس وآدم عن خلق الملائكة ؛ بل
هذا ـ أيها السائل ـ مما يرشدك إلى تمام قدرة الله جل جلاله ، وعظيم ملكه ؛
فقد خلق من خلقه من لا يعصيه طرفة عين ، بل هو طائع له أبدا ، وهم
الملائكة ، وخلق من لا يطيع أمره أبدا ،بل هو عاص له ، كافر به ، معاند
لأمره ؛ وهم الشياطين ؛ وخلق من جمع بين الوصفين : الإيمان والكفر ،
والطاعة والمعصية ، وهم بنو آدم . والكل خلق الله ، لو شاء لجعلهم على ملة
واحدة ، وخلقة واحدة ، ودين واحد ، لكن حكمته وقدرته اقتضت ذلك ، وهو
المحمود على كل فعله ، وكل قوله ، وكل خلقه سبحانه : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء/23 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَهُوَ
سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ ، وَلَهُ
فِيمَا خَلَقَهُ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ، وَنِعْمَةٌ سَابِغَةٌ ، وَرَحْمَةٌ
عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ ؛ وَهُوَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ
يُسْأَلُونَ ، لَا لِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ ؛ بَلْ لِكَمَالِ
عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/79) .
سادساً:
اعلم
أن كل من ضلَّ عن سواء السبيل فقد جاءه الهدى ، لكنه هو الذي أباه واستكبر
عن اتباعه ، فهداية الدلالة والإرشاد قد وصلتهم ، وأقام بها الله تعالى
الحجة عليهم ، لكنهم أبوا الانقياد لها واتباعها ، فحصل منهم الضلال ، فعمت
هدايته وبيانه للخلق ، وقامت عليهم حجيته سبحانه ، كما قال سبحانه : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/149.
قال ابن القيم رحمه الله :
" فأخبر
سبحانه أن الحجة له عليهم برسله وكتبه ، وبيان ما ينفعهم ويضرهم ، وتمكنهم
من الإيمان بمعرفة أوامره ونواهيه ، وأعطاهم الأسماع والأبصار والعقول ،
فثبتت حجته البالغة عليهم بذلك ، واضمحلت حجتهم الباطلة عليه بمشيئته
وقضائه ، ثم قرر تمام الحجة بقوله : ( فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ )
؛ فإن هذا يتضمن أنه المتفرد بالربوبية والملك والتصرف في خلقه ، وأنه لا
رب غيره ، ولا إله سواه ؛ فكيف يعبدون معه إلها غيره ؟! فإثبات القدر
والمشيئة من تمام حجته البالغة عليهم ، وأن الأمر كله لله ، وأن كل شيء ما
خلا الله باطل ؛ فالقضاء والقدر والمشيئة النافذة من أعظم أدلة التوحيد ،
فجعلها الظالمون الجاحدون حجة لهم على الشرك ، فكانت حجة الله هي البالغة ،
وحجتهم هي الداحضة وبالله التوفيق " انتهى .
"شفاء العليل" (35) .
ونوصيك
أيها السائل بطلب العلم الشرعي ، ومعرفة ما ينفعك في دينك وقربك من ربك
عزَّ وجل ، وابذل وقتك في حفظ القرآن وأكثر من النظر في أحاديث نبيك محمد
صلى الله عليه وسلم ، واطلع على تراجم سلف هذه الأمة وعلمائها ، وسترى –
بإذن الله – خيراً كثيراً ، فساعات العمر أنفس من أن نضيعها فيما لا نفع
فيه ، والعمر محدود أن نفرط فيه فيما قد يضرنا يوم نلقى ربنا تعالى .
وأعظم
ما نوصيك أن تكثر مع ذلك كله من ذكر الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار ،
وأن تجتهد في طاعته ، فإن الشيطان وسواس خناس ، إذا ذكرت الله خنس ، وضعف
عنك ، وإذا غفلت عن ذكره برز إليك ، وشغلك بالوساوس والخطرات .
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى