- محمود هويدى المحامىالمدير
- عدد المساهمات : 1432
تاريخ التسجيل : 07/02/2012
قصة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب رضي الله عنها وحوار بين مستشرق وعالم مسلم ( رائع )
السبت 07 يوليو 2012, 23:02
زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب رضي الله عنها
أتخلى محمد عن ربه فأحب النساء وأحب الدنيا بزواجه من السيدة زينب!.
هذا ما قاله المستشرق الغربي.
حوار ساخن بين عالم مسلم ومستشرق غربي
من ثنايا علوم العلامة الكبير محمد أمين شيخو
ـ المستشرق الغربي: بكلامك السابق تفضلت أن رسول الله تزوج بمارية لنوايا
عالية حالية ومستقبلية وهذا التأويل منطقي وعالي, ولكن ماذا تقول بزواجه من
زينب زوجة معتوقه زيد ابن حارثة وقد وردت في كتب المتقدمين على الشكل
التالي: [أن رسول الله مر على بيت معتوقه زيد بن حارثة فوقع نظره على
زوجته زينب ولم يكن زيد في بيته فوقعت زينب في قلب رسول الله وبهره حسنها
فقال سبحان مقلب القلوب].
ويروي آخرون هذه القصة على وجه آخر فيقولون أن رسول الله لما فتح باب زيد
عبث الهواء بالستار الذي على غرفة زينب فألقاها متمددة في قميصها فانقلب
قلبه فجأة فكتم في قلبه ذلك إلى أن ألقى الله كراهتها في قلب زيد وأمر
رسوله بزواجها علماً بأنه لا يجوز دخول بيت امرأة بالإسلام ما لم يكن صاحب
الدار موجوداً كما بسورة النور الآية (29). والرسول هو القدوة بتطبيق أحكام
القرآن.
ـ العالم المسلم: الواقع أن هذه القصص التي وردت في كتب المتقدمين ما هي
إلا من وضع الزنادقة الذين أرادوا أن يكيدوا للإسلام ولرسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فنقلها من نقلها على بساطة منه وبدون تمحيص وبذلك اتخذها
الإفرنج وأعداء الإسلام حجة للطعن في حق المبرَّأ صلى الله عليه وآله وسلم
من كل نقص والسليم من كل شائبة وعيب. وجاءت هذه القصص مموّهة نسجتها أيدي
الخيال لا يصدّقها امرؤ مفكر في حق أبسط المؤمنين وأدناهم شأناً فكيف به
إذا رآها وقد نسبت إلى أشرف الخلق رسول رب العالمين.
ولو أنك درست أسباب زواجه صلى الله عليه وآله وسلم بزوجاته الطاهرات لأقام
لك كل واحد منها دليلاً واضحاً على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ما كان بذلك الرجل الذي يعمل لغايات شخصية ومصالح مادية وحباً بالنساء كما
أورد الزنادقة والكفرة به من دسوس.
ـ المستشرق الغربي: أحقاً ما تقول أن كل أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم تزوجهن لغايات إنسانية سامية عالية؟.
كيف ذلك هلاّ أوضحت لي من فضلك.. مع أن المنطق الحر يعترف بأن إنساناً لم
يلتفت بشبابه إلى النساء بل أخلص لزوجة تكبره خمس عشرة سنة وحتى بلغت
الخامسة والستين وهو في الخمسين ولم يلتفت لسواها.. لا يمكن بعد هذا السن
أن يلتفت لغايات نفسية شهوانية أبداً, بل لا بد وأن له أهدافاً أخرى سامية
نبيلة.
ـ العالم المسلم: أخي الحبيب لو أنك تتبعت تاريخ رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم الحافل بجلائل الأعمال، هذا الرسول الكريم الذي نقلت رسالته
العالم من الظلمات إلى النور وغيَّرت وما تزال على استعداد لأن تغيِّر مجرى
التاريخ من جديد، أقول: لو أنك تتبَّعت ذلك لظهرت لك افتراءات أولئك
المفترين ولبدت لك الحقيقة ظاهرة مثل وضح النهار.
ـ المستشرق الغربي: أرجوك أيها العالم أن توضح لي بتفصيل أكثر.
ـ العالم المسلم: أخي الكريم نعم لقد تجاوز رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم سن الخمسين ولم تكن عنده سوى زوجه خديجة رضي الله عنها.. وما كان يعشق
والشباب أخوه, أفحين شاب يحق له العشق؟.
ويشيب المرء على ما شب عليه. لقد كان الملقب بين العرب "بالأمين" وما صافح في شبابه وفي مشيبه امرأة قط, كان حقاً الطاهر الأمين.
لقد تزوج صلى الله عليه وآله وسلم سودة بنت زمعة, ولم تكن السيدة سودة من
الجمال أو الثروة أو المكانة بما تجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يتزوج بها لولا أن زوجها توفي في سبيل الله فأصبحت السيدة سودة المؤمنة
وحيدة منقطعة في تلك الديار النائية "في الحبشة" وأهلها على ملة الكفر فمن
لها!.
وما تزوج عائشة وحفظة رضي الله عنهما إلا توثيقاً لعرى الارتباط بين الصديق
والفاروق اللذين كانا له بمثابة وزيرين وهذا من أصول الدبلوماسية والسياسة
الرشيدة.
ولم تكن زوجه زينب بنت خزيمه الهلالية حين تزوجها ذات جمال وشباب وإنما كانت زوجاً لعبيدة.
ويشهد لنا بغايات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإنسانية أيضاً زواجه من
السيدة أم سلمة التي جرح زوجها في أحد ومات متأثراً بجراحه، فلما مضت
عدتها خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعتذرت بكثرة أبنائها مع
أنه خطبها لهذا الاعتذار وبكونها تخطت سن الشباب فليس هنالك مطمع نفساني أو
شهواني وفي المهاجرين والأنصار من يفوقها شباباً وجمالاً ونضرة وثروة.
كل هذه الاعتبارات السامية إذا أنت قرنتها بما كان صلى الله عليه وآله وسلم
يبتغيه من الزواج بهؤلاء النساء اللاتي عرف صلى الله عليه وآله وسلم عنهن
من الفطنة والقابلية لتبليغ بنات جنسهن ما يختص بهن من أوامر التشريع عرفت
مكانة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم واستطعت أن ترد مزاعم أولئك
المنحرفين عن الحق.
ـ المستشرق الغربي: وما هو سبب زواجه من زينب زوجة زيد بن حارثة عتيقه وعبده السابق؟.
ـ العالم المسلم:عزيزي.. لو رجعنا لكلام الله في كتابه الكريم لتبين لنا
بوضوح وجلاء وبصريح الآيات أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن له
أدنى مصلحة شخصية, بل إنما كان ذلك لغاية تشريعية.. وقف صلى الله عليه
وآله وسلم في زواجه منها موقف المشرّع المبيّن ما قرره الله تعالى من
الحقوق, تحمّل في سبيل ذلك ما تحمّل, وكل ما زعموه في تلك القصة الموضوعة
التي ذكرتها لي آنفاً إنما هو افتراءات افتروا بها على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يكذّبها القرآن ذاته, وإنك إذا تتبعت الوقائع عرفت أن زينب
رضي الله عنها وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما نشأت
بعينه صلى الله عليه وآله وسلم وقد عرفها في طفولتها, ولو أنه أراد التزوج
بها لما أشار عليها بأن تتزوج بمعتوقه زيد (أي بعبد وهي سيدة قرشية وبنت
بكر).
ـ المستشرق الغربي: أيها العالم الجليل ألا تستعرض لي الآيات زيادة إيضاح
لي كي تكون رداً قاطعاً على كل من سوّلت له نفسه التجرؤ على الكلام عن
النبي العربي؟.
ـ العالم المسلم: القول الفصل في هذه القصة أن السيدة زينب رضي الله عنها
لما شبّت واستشارت رسول الله في أمر زواجها أشار عليها بالزواج من زيد بن
حارثة ولا ريب أن ذلك كما بيّنته الآية الكريمة إنما كان بأمر الله تعالى
ووحيه، وقد شق على زينب رضي الله عنها وعلى أخيها عبد الله أن تكون أخته
القرشية الهاشمية أعلى نسب في العرب قاطبة, بل وفي قريش تحت عبدٍ رقٍّ
اشترته خديجة وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لكن الله تعالى
علم في السيدة زينب تلك الأهلية لتحقيق هذا الأمر الصعب أراد أن يبطل تلك
الاعتبارات القائمة في النفوس على العصبية وحدها وأن يدرك الناس جميعاً أن
لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى, فأنزل الآيات على رسوله مبّيناً لزينب
وجوب الطاعة. قال تعالى: (ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً
مُّبِيناً) سورة الأحزاب (36).
وهنالك أذعنت السيدة زينب وأخوها لأمر الله وتزوج زيد بها. غير أنه ما كان
يطيب العيش بين السيدة زينب وزوجها واشتكى زيد رضي الله عنه ذلك لرسول
الله غير مرة واستأذنه في طلاقها فكان صلى الله عليه وآله وسلم يأمره بأن
يمسك عليه زوجه وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَإِذْ
تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ): أي بنعمة الإيمان.
(وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ): بأن أطلقت أساره وأعتقته ثم اتخذته ابناً
(أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ).
ـ المستشرق الغربي: ولكن ما الذي كان يخفيه الرسول محمد والله مبديه في
قوله تعالى: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ)؟.
ـ العالم المسلم: يا أخي.. لقد أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ضلال ما كانت عليه العرب من اعتبار المتبنى كالابن من النسب وعرف ما ينشأ
عن هذا الاعتبار من دخول المتبنى على عيال الإنسان وحريمه وما يجره هذا
الالتصاق بأفراد الأسرة من المفاسد والوقوع في الزنى وضياع الأنساب.. كما
عرف الحكمة الإلهية من أمره تعالى زيد بالتزوج بزينب وأدرك أنه لا بد أن
يأمره الله تعالى بعد تطليق زيد زينب رضي الله عنها بأن يتزوج رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم بها ليهدم تلك الاعتبارات القديمة الخاطئة وأن
يبين للناس أن المتبنى إنما هو امرؤ غريب عن الأسرة يجوز لمن تبناه أن
يتزوج بزوجته بعد طلاقها منه بخلاف الابن من النسب. كل ذلك عرفه صلى الله
عليه وآله وسلم غير أنه ما كان يبدي شيئاً من أوامر التشريع إلا بعد نزول
الوحي وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا
اللَّهُ مُبْدِيهِ): أي وتخفي ما أدركته مما سيوقعه الله من التشريع
منتظراً الوقت الذي سيبديه الله فيه لعباده.
ـ المستشرق الغربي: كيف يخشى رسول الله الناس والله أحق أن يخشاه مع أن صحابته لا يخشون في الحق لومة لائم كما ورد في القرآن؟.
ـ العالم المسلم: مهلاً عليك يا أخي لا تنظر إلى الآية نظرة سطحية دون
ربطها بما سبق من الكلام في الإقدام على هدم تلك العادات الجاهلية المتأصلة
في نفوس العرب قبل نزول الوحي قال تعالى: (وَتَخْشَى النَّاسَ): أي وتجد
الصعوبة في بيان ذلك للناس, فلما أنزل الله عليه الأمر بوجوب التزوج بزينب
بعد طلاقها من زيد وانقضاء عدتها أقدم صلى الله عليه وآله وسلم على تطبيق
الأمر الإلهي عن طيب نفس منه لأنه يعلم أن الله أحق أن يخشاه ولذلك وصف
تعالى حال رسوله بعد نزول الأمر الإلهي (وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ):
أي إنك أقدمت على ذلك متحمّلاً هذه الصعوبة لأنك تعلم أن الله أحق أن
تخشاه. ثم فصّل تعالى بقوله الكريم: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا
وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ
فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ
أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً). سورة الأحزاب (37). صدق الله العظيم.
ـ المستشرق الغربي: إذاً أيها العالم الجليل, الله في كتابه يقول:
(زَوَّجْناكَهَا): هو الذي زوجه إياها والسبب بذلك :{لِكَيْ لَا يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}.
أين العلماء من كتاب الله, بل أين الناس جميعاً من كتاب الله وكيف انطلت
عليهم هذه الدسوس على محمد وصدّقوا بها بدون أي رجوع لمستندٍ بالقرآن, بل
والقرآن ينفيها بتفصيلها وكليتها نفياً قاطعاً, ولم ينتبه لها أحد!. أحقاً
البشر في عماء, بل صم عميٌ عن مقام محمدٍ وما انطوت عليه هذه النفس الطاهرة
الشريفة...
بالله عليك أيها العالم الجليل زدني علماً.
أمر الإله نبيه وحبيبه أن يبدي شرعا بالزواج بزينب
إبطال مسألة التبني قصده لا تستمع قول العصاة تجنَّبِ
لو تدرِ ما كتب الزناة بحقه وهو الشريف الطاهر النسبِ
تباً لهم ولما جنته قلوبهم ما فيه عيبٌ طيبٌ من طيبِ
هذه الحقائق أجاب عنها فضيلة العلامة الكبير محمد أمين شيخو
والحمد لله رب العالمين.
منقول
أتخلى محمد عن ربه فأحب النساء وأحب الدنيا بزواجه من السيدة زينب!.
هذا ما قاله المستشرق الغربي.
حوار ساخن بين عالم مسلم ومستشرق غربي
من ثنايا علوم العلامة الكبير محمد أمين شيخو
ـ المستشرق الغربي: بكلامك السابق تفضلت أن رسول الله تزوج بمارية لنوايا
عالية حالية ومستقبلية وهذا التأويل منطقي وعالي, ولكن ماذا تقول بزواجه من
زينب زوجة معتوقه زيد ابن حارثة وقد وردت في كتب المتقدمين على الشكل
التالي: [أن رسول الله مر على بيت معتوقه زيد بن حارثة فوقع نظره على
زوجته زينب ولم يكن زيد في بيته فوقعت زينب في قلب رسول الله وبهره حسنها
فقال سبحان مقلب القلوب].
ويروي آخرون هذه القصة على وجه آخر فيقولون أن رسول الله لما فتح باب زيد
عبث الهواء بالستار الذي على غرفة زينب فألقاها متمددة في قميصها فانقلب
قلبه فجأة فكتم في قلبه ذلك إلى أن ألقى الله كراهتها في قلب زيد وأمر
رسوله بزواجها علماً بأنه لا يجوز دخول بيت امرأة بالإسلام ما لم يكن صاحب
الدار موجوداً كما بسورة النور الآية (29). والرسول هو القدوة بتطبيق أحكام
القرآن.
ـ العالم المسلم: الواقع أن هذه القصص التي وردت في كتب المتقدمين ما هي
إلا من وضع الزنادقة الذين أرادوا أن يكيدوا للإسلام ولرسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فنقلها من نقلها على بساطة منه وبدون تمحيص وبذلك اتخذها
الإفرنج وأعداء الإسلام حجة للطعن في حق المبرَّأ صلى الله عليه وآله وسلم
من كل نقص والسليم من كل شائبة وعيب. وجاءت هذه القصص مموّهة نسجتها أيدي
الخيال لا يصدّقها امرؤ مفكر في حق أبسط المؤمنين وأدناهم شأناً فكيف به
إذا رآها وقد نسبت إلى أشرف الخلق رسول رب العالمين.
ولو أنك درست أسباب زواجه صلى الله عليه وآله وسلم بزوجاته الطاهرات لأقام
لك كل واحد منها دليلاً واضحاً على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ما كان بذلك الرجل الذي يعمل لغايات شخصية ومصالح مادية وحباً بالنساء كما
أورد الزنادقة والكفرة به من دسوس.
ـ المستشرق الغربي: أحقاً ما تقول أن كل أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم تزوجهن لغايات إنسانية سامية عالية؟.
كيف ذلك هلاّ أوضحت لي من فضلك.. مع أن المنطق الحر يعترف بأن إنساناً لم
يلتفت بشبابه إلى النساء بل أخلص لزوجة تكبره خمس عشرة سنة وحتى بلغت
الخامسة والستين وهو في الخمسين ولم يلتفت لسواها.. لا يمكن بعد هذا السن
أن يلتفت لغايات نفسية شهوانية أبداً, بل لا بد وأن له أهدافاً أخرى سامية
نبيلة.
ـ العالم المسلم: أخي الحبيب لو أنك تتبعت تاريخ رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم الحافل بجلائل الأعمال، هذا الرسول الكريم الذي نقلت رسالته
العالم من الظلمات إلى النور وغيَّرت وما تزال على استعداد لأن تغيِّر مجرى
التاريخ من جديد، أقول: لو أنك تتبَّعت ذلك لظهرت لك افتراءات أولئك
المفترين ولبدت لك الحقيقة ظاهرة مثل وضح النهار.
ـ المستشرق الغربي: أرجوك أيها العالم أن توضح لي بتفصيل أكثر.
ـ العالم المسلم: أخي الكريم نعم لقد تجاوز رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم سن الخمسين ولم تكن عنده سوى زوجه خديجة رضي الله عنها.. وما كان يعشق
والشباب أخوه, أفحين شاب يحق له العشق؟.
ويشيب المرء على ما شب عليه. لقد كان الملقب بين العرب "بالأمين" وما صافح في شبابه وفي مشيبه امرأة قط, كان حقاً الطاهر الأمين.
لقد تزوج صلى الله عليه وآله وسلم سودة بنت زمعة, ولم تكن السيدة سودة من
الجمال أو الثروة أو المكانة بما تجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يتزوج بها لولا أن زوجها توفي في سبيل الله فأصبحت السيدة سودة المؤمنة
وحيدة منقطعة في تلك الديار النائية "في الحبشة" وأهلها على ملة الكفر فمن
لها!.
وما تزوج عائشة وحفظة رضي الله عنهما إلا توثيقاً لعرى الارتباط بين الصديق
والفاروق اللذين كانا له بمثابة وزيرين وهذا من أصول الدبلوماسية والسياسة
الرشيدة.
ولم تكن زوجه زينب بنت خزيمه الهلالية حين تزوجها ذات جمال وشباب وإنما كانت زوجاً لعبيدة.
ويشهد لنا بغايات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإنسانية أيضاً زواجه من
السيدة أم سلمة التي جرح زوجها في أحد ومات متأثراً بجراحه، فلما مضت
عدتها خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعتذرت بكثرة أبنائها مع
أنه خطبها لهذا الاعتذار وبكونها تخطت سن الشباب فليس هنالك مطمع نفساني أو
شهواني وفي المهاجرين والأنصار من يفوقها شباباً وجمالاً ونضرة وثروة.
كل هذه الاعتبارات السامية إذا أنت قرنتها بما كان صلى الله عليه وآله وسلم
يبتغيه من الزواج بهؤلاء النساء اللاتي عرف صلى الله عليه وآله وسلم عنهن
من الفطنة والقابلية لتبليغ بنات جنسهن ما يختص بهن من أوامر التشريع عرفت
مكانة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم واستطعت أن ترد مزاعم أولئك
المنحرفين عن الحق.
ـ المستشرق الغربي: وما هو سبب زواجه من زينب زوجة زيد بن حارثة عتيقه وعبده السابق؟.
ـ العالم المسلم:عزيزي.. لو رجعنا لكلام الله في كتابه الكريم لتبين لنا
بوضوح وجلاء وبصريح الآيات أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن له
أدنى مصلحة شخصية, بل إنما كان ذلك لغاية تشريعية.. وقف صلى الله عليه
وآله وسلم في زواجه منها موقف المشرّع المبيّن ما قرره الله تعالى من
الحقوق, تحمّل في سبيل ذلك ما تحمّل, وكل ما زعموه في تلك القصة الموضوعة
التي ذكرتها لي آنفاً إنما هو افتراءات افتروا بها على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يكذّبها القرآن ذاته, وإنك إذا تتبعت الوقائع عرفت أن زينب
رضي الله عنها وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما نشأت
بعينه صلى الله عليه وآله وسلم وقد عرفها في طفولتها, ولو أنه أراد التزوج
بها لما أشار عليها بأن تتزوج بمعتوقه زيد (أي بعبد وهي سيدة قرشية وبنت
بكر).
ـ المستشرق الغربي: أيها العالم الجليل ألا تستعرض لي الآيات زيادة إيضاح
لي كي تكون رداً قاطعاً على كل من سوّلت له نفسه التجرؤ على الكلام عن
النبي العربي؟.
ـ العالم المسلم: القول الفصل في هذه القصة أن السيدة زينب رضي الله عنها
لما شبّت واستشارت رسول الله في أمر زواجها أشار عليها بالزواج من زيد بن
حارثة ولا ريب أن ذلك كما بيّنته الآية الكريمة إنما كان بأمر الله تعالى
ووحيه، وقد شق على زينب رضي الله عنها وعلى أخيها عبد الله أن تكون أخته
القرشية الهاشمية أعلى نسب في العرب قاطبة, بل وفي قريش تحت عبدٍ رقٍّ
اشترته خديجة وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لكن الله تعالى
علم في السيدة زينب تلك الأهلية لتحقيق هذا الأمر الصعب أراد أن يبطل تلك
الاعتبارات القائمة في النفوس على العصبية وحدها وأن يدرك الناس جميعاً أن
لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى, فأنزل الآيات على رسوله مبّيناً لزينب
وجوب الطاعة. قال تعالى: (ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً
مُّبِيناً) سورة الأحزاب (36).
وهنالك أذعنت السيدة زينب وأخوها لأمر الله وتزوج زيد بها. غير أنه ما كان
يطيب العيش بين السيدة زينب وزوجها واشتكى زيد رضي الله عنه ذلك لرسول
الله غير مرة واستأذنه في طلاقها فكان صلى الله عليه وآله وسلم يأمره بأن
يمسك عليه زوجه وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَإِذْ
تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ): أي بنعمة الإيمان.
(وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ): بأن أطلقت أساره وأعتقته ثم اتخذته ابناً
(أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ).
ـ المستشرق الغربي: ولكن ما الذي كان يخفيه الرسول محمد والله مبديه في
قوله تعالى: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ)؟.
ـ العالم المسلم: يا أخي.. لقد أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ضلال ما كانت عليه العرب من اعتبار المتبنى كالابن من النسب وعرف ما ينشأ
عن هذا الاعتبار من دخول المتبنى على عيال الإنسان وحريمه وما يجره هذا
الالتصاق بأفراد الأسرة من المفاسد والوقوع في الزنى وضياع الأنساب.. كما
عرف الحكمة الإلهية من أمره تعالى زيد بالتزوج بزينب وأدرك أنه لا بد أن
يأمره الله تعالى بعد تطليق زيد زينب رضي الله عنها بأن يتزوج رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم بها ليهدم تلك الاعتبارات القديمة الخاطئة وأن
يبين للناس أن المتبنى إنما هو امرؤ غريب عن الأسرة يجوز لمن تبناه أن
يتزوج بزوجته بعد طلاقها منه بخلاف الابن من النسب. كل ذلك عرفه صلى الله
عليه وآله وسلم غير أنه ما كان يبدي شيئاً من أوامر التشريع إلا بعد نزول
الوحي وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا
اللَّهُ مُبْدِيهِ): أي وتخفي ما أدركته مما سيوقعه الله من التشريع
منتظراً الوقت الذي سيبديه الله فيه لعباده.
ـ المستشرق الغربي: كيف يخشى رسول الله الناس والله أحق أن يخشاه مع أن صحابته لا يخشون في الحق لومة لائم كما ورد في القرآن؟.
ـ العالم المسلم: مهلاً عليك يا أخي لا تنظر إلى الآية نظرة سطحية دون
ربطها بما سبق من الكلام في الإقدام على هدم تلك العادات الجاهلية المتأصلة
في نفوس العرب قبل نزول الوحي قال تعالى: (وَتَخْشَى النَّاسَ): أي وتجد
الصعوبة في بيان ذلك للناس, فلما أنزل الله عليه الأمر بوجوب التزوج بزينب
بعد طلاقها من زيد وانقضاء عدتها أقدم صلى الله عليه وآله وسلم على تطبيق
الأمر الإلهي عن طيب نفس منه لأنه يعلم أن الله أحق أن يخشاه ولذلك وصف
تعالى حال رسوله بعد نزول الأمر الإلهي (وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ):
أي إنك أقدمت على ذلك متحمّلاً هذه الصعوبة لأنك تعلم أن الله أحق أن
تخشاه. ثم فصّل تعالى بقوله الكريم: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا
وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ
فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ
أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً). سورة الأحزاب (37). صدق الله العظيم.
ـ المستشرق الغربي: إذاً أيها العالم الجليل, الله في كتابه يقول:
(زَوَّجْناكَهَا): هو الذي زوجه إياها والسبب بذلك :{لِكَيْ لَا يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}.
أين العلماء من كتاب الله, بل أين الناس جميعاً من كتاب الله وكيف انطلت
عليهم هذه الدسوس على محمد وصدّقوا بها بدون أي رجوع لمستندٍ بالقرآن, بل
والقرآن ينفيها بتفصيلها وكليتها نفياً قاطعاً, ولم ينتبه لها أحد!. أحقاً
البشر في عماء, بل صم عميٌ عن مقام محمدٍ وما انطوت عليه هذه النفس الطاهرة
الشريفة...
بالله عليك أيها العالم الجليل زدني علماً.
أمر الإله نبيه وحبيبه أن يبدي شرعا بالزواج بزينب
إبطال مسألة التبني قصده لا تستمع قول العصاة تجنَّبِ
لو تدرِ ما كتب الزناة بحقه وهو الشريف الطاهر النسبِ
تباً لهم ولما جنته قلوبهم ما فيه عيبٌ طيبٌ من طيبِ
هذه الحقائق أجاب عنها فضيلة العلامة الكبير محمد أمين شيخو
والحمد لله رب العالمين.
منقول
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى