منتديات هويدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
محمود هويدى المحامى
محمود هويدى المحامى
المدير
المدير
عدد المساهمات : 1432
تاريخ التسجيل : 07/02/2012

GMT + 1 Hour إغماءات وإضراب من الشباب ضد العزل السياسى على رصيف الوزراء

الخميس 14 يونيو 2012, 02:47
ليلة الإغماءات والإضراب ضد «العزل السياسى» على رصيف مجلس الوزراء


النشطاء فضوا إضرابهم فجر أمس ليتمكنوا من التظاهر أمام المحكمة الدستورية العليا اليوم


إغماءات وإضراب من الشباب ضد العزل السياسى على رصيف الوزراء 10064_660_2167582
جانب من الشباب المضربين عن الطعام


عام ونصف العام، هو عمر المرحلة الانتقالية التى تعيشها مصر،
ويعايشها 64 مضرباً عن الطعام أمام مجلس الوزراء، شاركوا فى أحداث ما بعد
الثورة كافة، من ماسبيرو ومحمد محمود، مروراً بمجلس الوزراء، وأخيراً أحداث
العباسية، فقدوا خلالها أصدقاء كثيرين. ورغم أن كل يوم يضم من بينهم اسماً
جديداً لقوائم شهداء ما بعد الثورة، فإنهم لم يتحملوا أن يروا الفريق أحمد
شفيق، رئيس وزراء المخلوع، يشارك فى أول انتخابات رئاسية للثورة، ولم
يتحملوا تبرئة مساعدى العادلى من دماء زملائهم الثوار، فرأوا أن الحل هو
رصيف مجلس الوزراء، الذى لجأوا إليه معلنين إضرابهم عن الطعام، كنوع من
الضغط لتطبيق قانون العزل السياسى، الذى سيصدر حكم بشأنه اليوم الخميس.

«الوطن» قضت مع المضربين عن الطعام ليلتهم الأخيرة على رصيف مجلس
الوزراء، أمس الأول الثلاثاء، قبل أن يفضوا إضرابهم استعداداً للوجود أمام
المحكمة الدستورية العليا اليوم. أجسام متهاوية ووجوه شاحبة، افترش أصحابها
أرض الرصيف الرخامية، لا يفصلهم عنها سوى أغطية خفيفة لا تسمن ولا تغنى من
برودة الليل أو حرارة النهار. الجميع ملقى على الأرض بعدما عجزت أرجلهم عن
حملهم، بعضهم تحمَّل الجوع والبعض الآخر تجده يقاوم إما بإغماض عينيه
محاولاً تجاهل آلام معدته التى لم يدخلها زاد لثمانية أيام متتالية أو ينفس
عن إعيائه الشديد ببكاء متسائلاً: «كيف سأوجد أمام المحكمة لسماع النطق
بالحكم؟».

وسط الأجساد الضعيفة وحالات الإعياء والإغماءات المستمرة، تجد «ماما
نور» جالسة ممسكة بعلب العصائر تارة، أو بزجاجات المياه تارة أخرى، تحاول
إقناع أولادها بشرب القليل بعدما امتنع أغلبية المضربين عن شرب المياه، ما
أدى لنقل 3 أشخاص إلى مستشفى قصر العينى مساء الثلاثاء الماضى بينهم فتاة
عشرينية تدعى هدى، الجميع يلتف حول الفتاة، لكنها ترفض شرب المياه، ليس
لأنها لا تريد، وإنما لعدم قدرتها على فتح شفتيها وابتلاع ولو قدراً
يسيراً.. هنا تتعالى الصيحات: «الحقينا يا ماما نور.. مش راضية تشرب»،
لتهرول نور تجاه الفتاة وتحاول إقناعها: «عشان تقدرى تكملى إضرابك لازم
تشربى»، وتحاول الفتاة مرة أخرى أن تتناول رشفة مياه إلا أنها بعد قليل
تقوم باسترجاعها خارج معدتها، تتركها ماما نور قليلاً ثم تمدها بفيتامينات
مذابة فى المياه تتناولها الفتاة على مراحل حتى تنتهى منها.

على الجانب الآخر لماما نور يرقد «على»، يرفض هو الآخر تناول المياه
والعصير ليدخل فى حالة إغماء ينقله زملاؤه إثرها إلى سيارة الإسعاف
الواقفة على الجانب الآخر من الاعتصام، وتجرى ماما نور محاولة اللحاق بعلى،
إلا أنها تصاب بدوار وتسقط فى مكانها فهى الأخرى مضربة عن الطعام.

ماما نور، كما يناديها المضربون، ترى أنها لا تملك سوى نفسها، لكى
تصعِّد قضيتها، مؤكدة أنها لن تجلس فى بيتها إلا عندما تحقق الثورة أهدافها
ويفرَج عن المعتقلين السياسيين، خاصة فى أحداث العباسية، مرددة: «ساعات
كتير بقعد مع نفسى لما أزهق وأقيم الليل وأستخير ربنا لو نزولى الشارع خير
ويصلح حال البلد أنزل وبلاقى نفسى مش قادرة أقعد، الساكت عن الحق شيطان
أخرس، ما ينفعش بعد كل الشباب دى ما ماتت فى السنة ونص اللى فاتوا، مبارك
ياخد براءة ورئيس وزارئه يرشح نفسه فى الانتخابات».

أكثر ما يزعج ماما نور عدم التفات نواب مجلس الشعب أو محاولتهم لقاء
الشباب المضربين؛ فخلال حديثها لـ«الوطن» فوجئت بوجود نادر بكار، المتحدث
الرسمى لحزب النور، فقالت له: «انتوا ناس بتوع ربنا، والشعب اختاركم،
وبقالكم سنة ونص انتوا والإخوان ماعملتوش حاجة». ليرد بكار: «إحنا عملنا
قانون العزل وقالوا مش دستورى ومتفصل عشان شخص واحد». فتبادره: «يا ابنى
انت ما شفتش اللى حصل معانا فى العباسية؟ الشيوخ كانت بتتدبح قدامنا وهما
ما عملوش أى حاجة، وكانت سلمية واختلقوا حجة أننا كنا بنهاجم الجيش.. اقفوا
معانا»، هنا سألها بكار: «عايزانا نعمل إيه؟»، لكن مشاجرة منعتها من الرد،
وبعدما انتهت، كان بكار خارج مقر الإضراب.

لم يكن نادر بكار وحده هو الشخصية العامة التى زارت المضربين مساء
الثلاثاء؛ فبمجرد أن دقت عقارب الساعة العاشرة مساءً، توافد إلى الاعتصام
عدد من الشخصيات العامة، كان بينهم الشاعر أحمد فؤاد نجم وجيهان فاضل وعلاء
عبدالفتاح وعمار على حسن ووائل قنديل وأسامة برهام وفاروق الرشيدى، بعضهم
اكتفى بمجرد الوجود أمام الاعتصام بالخارج، فيما قام البعض الآخر بالجلوس
مع المضربين، خاصة الشاعر أحمد فؤاد نجم.

لم تكن ماما نور بمفردها هى التى تساعد المضربين، لكنها كانت الأكثر
تأثيراً فيهم، تبعها فى ذلك شاب يدعى مصطفى محمد محمود، فرغم صغر سنه التى
لم تتجاوز 18 عاماً، فإنه كان يتمتع بمحبة أغلب زملائه المضربين؛ فهو
الشاب الذى ترك امتحانات الثانوية العامة رافضاً دخولها بعدما فقد أصدقاءه
فى أحداث بورسعيد والعباسية، يقول: «إزاى أدخل الامتحان وأمتحن وأصحابى
دفعوا حياتهم تمن حريتنا؟! أنا مش هكمل حياتى بشكل طبيعى إلا لما أجيب حق
اللى ماتوا»، لم يستطع مصطفى إتمام كلماته، فقد سقط مغشياً عليه؛ فهذا يومه
السابع الذى لم يتناول فيه الطعام، ليحمله أصدقاؤه إلى سيارة الإسعاف
الموجودة على الرصيف المقابل لمجلس الوزراء.

إسلام الدين أحمد لم يختلف حاله كثيراً عن مصطفى، فهو الآخر رفض
دخول امتحانه النهائى فى معهد إعداد الدعاة للأسباب نفسها، خاصة بعد وفاة
صديقه أبوالحسن إبراهيم، طالب كلية الطب، فى أحداث العباسية.. يقول إسلام:
«كانت تجمعنى به صداقة من أيام ميدان التحرير؛ حيث كنا متطوعين فى مستشفى
ميدانى واحد، وأثناء أحداث العباسية تحركنا وعملنا مستشفى ميدانيا هناك،
إلا أن أبوالحسن أصيب بطلق نارى فى الرأس، ومن وقتها أقسمت على عدم ترك
الميدان إلا بعدما أحصل على حق صديقى».

حياة إسلام توقفت؛ فهو يرى أن الإضراب عن الطعام جاء خطوة رداً على
محاكمة مبارك وبراءة 6 من مساعدى العادلى، الذين قتلوا قرابة 800 ثائر،
كانت مطالبهم تتلخص فى «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، فضلاً عن ترشيح رئيس
وزراء الرئيس المخلوع للرئاسة، فى محاولة لإعادة نظام سيكون أكثر قمعاً،
مستشهداً بعبارات المرشح بأن أحداث العباسية التى حصدت روح صديق الميدان
«بروفة»، وقبل أن ينهى إسلام حديثه سقط زميل له فى الإضراب، فقال: «ده سادس
واحد يقع مننا النهارده، ورغم كده الشباب مُصرين على الإضراب لحين تطبيق
قانون العزل السياسى».

يشير إسلام إلى سيارة الإسعاف: «من يسقط من المضربين يفضل التوجه
إلى سيارة الإسعاف خوفاً من الذهاب إلى مستشفى قصر العينى أو المنيرة؛
فعندما ذهبنا لنقل 3 من زملائنا فى طوارئ قصر العينى أخبرناهم بأنهم مضربون
عن الطعام فتم استدعاء أحد أفراد الشرطة العسكرية الذى تعامل معنا بشكل
غير لائق ومن وقتها قررنا عدم الذهاب إلى قصر العينى خوفا من إلقاء القبض
على أحد منا».

أكثر ما يؤذى المضربين التعليقات التى يتعرضون لها من بعض المارة،
ممن يصفونهم بالفلول والعمالة وتلقى تمويل من الخارج، مردداً: «تمويل إيه
بس؟ الموضوع بقى فيه دم، وإضرابنا لا يساوى نقطة دماء واحدة لشهدائنا».
ويضيف: «بقالنا هنا 8 أيام وما حدش حاسس بينا ولا حد هيحس بينا، فضلاً عن
العمليات الاستفزازية التى نتعرض لها؛ ففى الوقت الذى نضرب فيه لتطبيق
قانون العزل السياسى تمر أمامنا سيارات الجيش وتلقى علينا أوراقاً موقعة من
إدارة الشئون المعنوية تطالبنا بالمشاركة فى الانتخابات».

المشادات أمام المضربين عن الطعام لا تنتهى، وهو ما أصاب البعض
بحالة من الانهيار العصبى؛ حيث فوجئ بعض المضربين بوجود أشخاص غريبين عنهم
فى أماكنهم، وعندما حاول منظمو الإضراب إقناعهم بالوجود خارج المكان المخصص
لراحة المضربين نشبت مشادات، وهو ما فسرته هدير مكاوى، المتضامنة مع
المضربين، بوجود عناصر من الأمن تحاول فض الإضراب، وتدلل على ذلك بأن
المضربين وجدوا منذ أيام مجموعة شباب تتسلق سور مجلس الشعب لاستفزاز الجيش،
بعد منتصف الليل، لكى تحدث مشكلة كتلك التى حدثت فى أحداث مجلس الوزراء،
إلا أن نوارة نجم تداركت الموقف وأبعدت هؤلاء الأشخاص عن المكان قبل تطور
الأمر.

هدير ومصطفى وماما نور وإسلام.. رغم تفاوت درجات معايشتهم لأحداث
مجلس الوزراء الأخيرة، التى فضها الجيش بالقوة وراح ضحيتها عشرات القتلى
والمصابين والمعتقلين، فإنهم لم يتخوفوا من الوجود أمام مجلس الوزراء،
مرددين: «حتى لو اندلعت نفس الأحداث وفضوا الاعتصام بالقوة، وهو شىء
متوقع.. أصبحنا لا نخاف الموت، فالموت خلال العام ونصف العام بعد الثورة
أصبح بالنسبة لنا شيئاً عادياً».

نوارة نجم كانت أول من دعا للإضراب يوم الثلاثاء قبل الماضى، الأمر
الذى لقى استجابة من نشطاء وشباب وصل عددهم إلى 64 مضرباً، وقفت على أحد
جوانب الاعتصام مع مصطفى، المحامى المسئول عن المضربين، يتشاورون هل يتم فك
الإضراب، خاصة أنهم فى حاجة لتنظيم وقفة سلمية أمام المحكمة اليوم، أم
يفضون إضرابهم ويفكرون فى طريقة جديدة للتصعيد، وهو الاجتماع الذى توصلوا
فيه لقرار إنهاء إضرابهم، ليستطيعوا الوجود أمام المحكمة الدستورية العليا،
ليأتى فجر أمس الأربعاء، حاملاً معه بعض قطع البسكويت لجوف المضربين.
( المصدر : جريدة الوطن )



الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى