منتديات هويدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
محمود هويدى المحامى
محمود هويدى المحامى
المدير
المدير
عدد المساهمات : 1432
تاريخ التسجيل : 07/02/2012

GMT + 4 Hours ثورتنا … هل تفتقد الخليفة؟

السبت 18 فبراير 2012, 00:35
ثورتنا … هل تفتقد الخليفة؟ثورتنا … هل تفتقد الخليفة؟ Egyptian-revolution

(يا أبت؛ ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل؟. فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك!.


قال الوالد: يا بني؛ إنما أروض
الناس رياضية الصعب ـ أي فحل الجمل العنيد ـ إني أريد أن أحيي الأمر من
العدل؛ فأؤخر ذلك؛ حتى أخرج معه طمعاً من طمع الدنيا؛ فينفروا من هذه،
ويسكنوا إلى هذا). [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخلال
]



حوار رائع دار بين الخليفة الراشد
الخامس عمر بن عبد العزيز رحمه الله وولده الشاب المتحمس عبد الملك؛ والذي
استنكر على والده الحكيم هذا البطء في إصلاح جبال من الفساد والظلم الذي
تراكم في الأمة من جراء عقود من المظالم والاستبداد في الحكم
.



رسائل الخروج من الأزمات:



تذكرت هذا الحوار ونحن نشاهد بأسى
ونراقب بخوف هذا التفسخ المجتمعي الثوري المصري خاصة بعد تداعيات ثورة 25
يناير؛ والذي كان من مظاهره هذا التنافر بين الأجيال الشابة والمخضرمة،
وهذا التباعد بين الأطياف السياسية، وهذا الشقاق بين القوى الثورية، وهذا
التخوين بين الأحزاب؛ بل امتد أثره وخطره إلى العلاقات داخل الأسرة
الواحدة!؟
.



لذا فنحن في أشد الحاجة إلى
مراجعات سريعة وتأملات واعية لهذا الحوار الذي يلخص الأسلوب الإداري لتجربة
هذا الخليفة العظيم؛ التي تعتبر النموذج الذي نضرب به المثل في العدل وفي
إدارة الدولة؛ لنضع أيدينا على أبرز رسائله الإدارية؛ التي من شأنها أن
تخرجنا من هذه الأزمة التي نعايشها هذه الأيام؛ خاصة في أعقاب الأحداث
الدامية وآخرها أزمة موقعة ستاد بورسعيد؛ ومن أبرز هذه الرسائل
:



1-الحوار:



من أبرز الرسائل هي أهمية الحوار
المجتمعي؛ سواء كان داخلياً بين أفراد الطائفة المجتمعية الواحدة أو الحزب
الواحد، وخارجياً بين الفرق والاطياف السياسية والمجتمعية
.



2-تكامل الأجيال:



لابد من تكامل وتعاضد وتعاون كل
الأجيال من شباب متحمس وشيوخ مخضرمين من أجل المصلحة العامة حتى تسير سفينة
المجتمع إلى بر الأمان متغلبين على عواصف وأزمات الرحلة
.









فالشباب يدفعون السفينة بحماسهم وتدافعهم وقوتهم وحيويتهم وتجددهم. والمخضرمون يوجهونها ويحمونها بخبرتهم وحكمتهم. لذا قال صلى الله عليه وسلم: (نصرت بالشباب)؛ فكان من أبرز صحابته كوكبة من الفتيان الفدائيين. وكان كذلك عن يمينه وشماله الخبراء مثل الصديق والفاروق والمبشرين بالجنة رضوان الله عليهم.



3-المناخ المجتمعي الصحي:



لو لم يك هناك مناخاً صحياً مفتوحاً وسوياً؛ ما كان هذا الفتي يجد الفرصة لمراجعة أمير المؤمنين بهذه الحدة وهذه المراجعات.



4-حق الآخر في إبداء رأيه:



سعة صدر الخليفة تبين أن المسؤول يجب أن يتسم بسعة الصدر خاصة مع مخالفيه ومعارضي منهجه.



5-سنة التدرج:



كان من أهم ركائز منهجية هذا
الخليفة العادل؛ هي أن خطته للإصلاح كانت ممنهجة وتقوم على أساس مراعاة سنة
التدرج؛ وهي سنة إلهية اجتماعية تقرر عدم التسرع أو التعسف في تنفيذ أي
أمر؛ وهذه السنة تستند إلى فقه الموازانات أو قاعدة ترجيح المصلحة الكبيرة
على الصغيرة عند تعارضهما
.



أي أن تنفيذ خطة الإصلاح جملة
واحدة قد يؤدي إلى امتناع الناس ونفورهم ومقاومة القوى المضادة لخطته
فتستغلها لإحداث الشقاق المجتمعي والفتنة العارمة التي تؤدي إلى مفاسد أعظم
من مفاسد تأخير البطء في الإصلاح والتدرج في تنفيذه
.



6-مراعاة قوانين السنن الإلهية الاجتماعية:



وسنة التدرج التي اتبعها الخليفة
تجرنا إلى رسالة مهمة تفيدنا في أي خطة إصلاحية؛ وهي أهمية مراعاة السنن
الإلهية الاجتماعية؛ التي أمرنا بدراستها من قراءة التاريخ: “قَدْ خَلَتْ
مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ”. [آل عمران 137
]







وهذه السنن الإلهية؛ سواء السنن
الإلهية الكونية في الآفاق؛ أي في مجال عالم المادة، أو السنن الإلهية
الاجتماعية في الأنفس؛ أي في عالم البشر والأحياء عموماً
.
ويقصد بها تلك القواعد أو القوانين العامة، التي لا تحابي ولا تجامل، ولا
تتبدل ولا تتغير: “فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ
لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً”. [فاطر 43
] ولقد وضعها
سبحانه لتنظم حركة الحياة والأحياء، وتحكم حركة التاريخ، وتنظم ناموسية
التغيير، وتتحكم بالدورات الحضارية؛ موضحةً عوامل السقوط وعوامل النهوض
الحضاري
.







وهو ما يعرف بالفقه الاجتماعي والحضاري.
وهو مجال بُخِسَ حقه من حيث الفقه والتأصيل والبحث والدراسة والتعميق،خاصة
في المواجهة الحضارية المعاصرة، وحسن عرض وتقديم المشروع الحضاري الإسلامي
.



7-أدب الوقفات:





أي المراجعات، والمتابعات، أو ما يسمونه بالنقد الذاتي، والتفتيش عن مواطن الخلل، في كل مرحلة من مراحل أي عمل أو خطة.
كما جاء في المراجعات القرآنية عقيب كل حدث؛ خاصة بعد أحد وإقرار أن
الهزيمة تعود إلى عوامل داخلية: “أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ
أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ
أَنْفُسِكُمْ”. [آل عمران 165
]



وهو الباب الذي لم نزل نفتقده
كثيراً، أفراداً ومؤسسات؛ وذلك إما عن عدم فقه لأهميته، أو لعدم فقه طبيعة
ممارسته، أو التزاماً بالقناعة المخدرة أننا بخير، وليس في الإمكان أبدع
مما كان، أو وهذا هو مصدر الخطورة أن يكون عن تجاهل وتعمد، بدعوى حفظ الصف،
ومراعاة المشاعر والنفوس، أو وهو الأخطر؛ وهو دعوى عدم فتح المجال
للطاعنين من الخارج، وغلق فرص التشفي، والتشكيك
!.



8-المصارحة:



وهو مايقصد أن يقوم الحاكم أو المسؤول بالرد على كل نقد يوجه إلى منهجيته وآليات تنفيذ خطته.



وتأمل ما فعله الخليفة رضي الله
عنه عندما رأى الإلتباس قدا زاد عند الناس وهو ما ترجمه كلمات عبد الملك
ثانية؛ عندما (دخل على أبيه؛ فقال: يا أمير المؤمنين؛ ما أنت قائل لربك
غداً؛ إذا سألك؛ فقال: رأيت بدعة فلم تمتها، أو سنة فلم تحيها؟
.



فقال أبوه: رحمك الله وجزاك من ولد خيراً.



يا بني؛ إن قومك قد شدوا هذا
الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى أردت مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم؛
لم آمن أن يفتقوا علي فتقاً يكثر في الدماء. والله لزوال الدنيا أهون علي
من أن يراق في سببي محجمة من دم
.



أو ما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت في بدعة ويحيي فيه سنة؟). [تاريخ الخلفاء للسيوطي240]



ماذا نفتقد؟:



فما أشبه الليلة بالبارحة؛
فثورتنا لا تحتاج إلى خليفة بل لحاكم يضع في اعتباره الركائز الإدارية لهذه
التجربة؛ خاصة المصارحة التي تطمئن الناس وتعفيه من الحرج ومن النقد؛ الذي
قد يؤدي إلى عصيان الشعب أو انقلابه وثورته عليه؟
.



ـــــــــــــــــــــــــــــ
د. حمدي شعيب
زميل الجمعية الكندية لطب الأطفال (CPS) وخبير تربوي وعلاقات أسرية
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى